نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 89
منه غالبا، فتكون المعدة بيت الداء لذلك، و كأنه يشير بذلك إلى الحث على تقليل الغذاء، و منع النفس من اتباع الشهوات، و التحرز عن الفضلات.
و أما العادة فلأنها كالطبيعة للإنسان، و لذلك يقال: العادة طبع ثان، و هي قوة عظيمة في البدن، حتى إن أمرا واحدا إذا قيس إلى أبدان مختلفة العادات، كان مختلف النسبة إليها. و إن كانت تلك الأبدان متفقة في الوجوه الأخرى مثال ذلك أبدان ثلاثة حارة المزاج في سن الشباب، أحدها: عود تناول الأشياء الحارة؛ و الثاني: عود تناول الأشياء الباردة، و الثالث: عود تناول الأشياء المتوسطة، فإن الأول متى تناول عسلا لم يضر به، و الثاني: متى تناوله، أضر به، و الثالث:
يضر به قليلا، فالعادة ركن عظيم في حفظ الصحة، و معالجة الأمراض، و لذلك جاء العلاج النبوي بإجراء كل بدن على عادته في استعمال الأغذية و الأدوية و غير ذلك.
فصل في هديه (صلى اللّه عليه و سلم) في تغذية المريض بألطف ما اعتاده من الأغذية
في «الصحيحين» من حديث عروة عن عائشة، أنها كانت إذا مات الميت من أهلها، و اجتمع لذلك النساء، ثم تفرقن إلى أهلهن، أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت، و صنعت ثريدا، ثم صبت التلبينة عليه، ثم قالت: كلوا منها، فإني سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) يقول: «التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن» [1]
و في «السنن» من حديث عائشة أيضا، قالت: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم):
«عليكم بالبغيض النافع التلبين»، قالت: و كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) إذا اشتكى أحد من أهله لم تزل البرمة على النار حتى ينتهي أحد طرفيه. يعني يبرأ أو يموت. [2]