نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 73
و في كونها سبعا خاصية أخرى، تدرك بالوحي، و في «الصحيحين» من حديث عامر ابن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) «من تصبّح بسبع تمرات من تمر العالية لم يمرّه ذلك اليوم سمّ و لا سحر».
و في لفظ: من أكل سبع تمرات ممّا بين لابتيها حين يصبح، لم يضرّه سمّ حتّى يمسي» [1].
و التّمر حارّ في الثانية، يابس في الأولى. و قيل: رطب فيها. و قيل: معتدل، و هو غذاء فاضل حافظ للصحة لا سيما لمن اعتاد الغذاء به، كأهل المدينة و غيرهم، و هو من أفضل الأغذية في البلاد الباردة و الحارة التي حرارتها في الدرجة الثانية، و هو لهم أنفع منه لأهل البلاد الباردة، لبرودة بواطن سكانها، و حرارة بواطن سكان البلاد الباردة، و لذلك يكثر أهل الحجاز و اليمن و الطائف، و ما يليهم من البلاد المشابهة لها من الأغذية الحارة ما لا يتأتى لغيرهم، كالتمر و العسل، و شاهدناهم يضعون في أطعمتهم من الفلفل و الزنجبيل فوق ما يصنعه غيرهم نحو عشرة أضعاف أو اكثر و يأكلون الزنجبيل كما يأكل غيرهم الحلوى، و لقد شاهدت من يتنقل به منهم كما يتنقل بالنقل، و يوافقهم ذلك و لا يضرّهم لبرودة أجوافهم و خروج الحرارة إلى ظاهر الجسد، كما تشاهد مياه الآبار تبرد في الصيف، و تسخن في الشتاء، و كذلك تنضج المعدة من الأغذية الغليظة في الشتاء ما لا تنضجه في الصيف.
و أما أهل المدينة، فالتمر لهم يكاد أن يكون بمنزلة الحنطة لغيرهم، و هو قوتهم و مادتهم، و تمر العالية من أجود أصناف تمرهم، فإنه متين الجسم، لذيذ الطعم، صادق الحلاوة، و التمر يدخل في الأغذية و الأدوية و الفاكهة، و هو يوافق أكثر لأبدان، مقو للحار الغريزي، و لا يتولد عنه من الفضلات الرديئة ما يتولد عن غيره من الأغذية و الفاكهة، بل يمنع لمن اعتاده من تعفن الأخلاط و فسادها.
و هذا الحديث من الخطاب الذي أريد به الخاصّ، كأهل المدينة و من جاورهم، و لا ريب أن للأمكنة اختصاصا بنفع كثير من الأدوية في ذلك المكان دون غيره، فيكون الدواء الذي ينبت في هذا المكان نافعا من الداء، و لا يوجد فيه ذلك النفع إذا نبت في مكان غيره لتأثير نفس التّربة أو الهواء، أو هما جميعا فإن للأرض
[1] أخرجه الإمام البخاري في الأطعمة، و مسلم في الأشربة و الإمام أحمد و أبو داود.
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 73