responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 54

فصل [في صرع الأخلاط]

و أما صرع الأخلاط، فهو علة تمنع الأعضاء النفسية عن الأفعال و الحركة و الانتصاب منعا غير تام، و سببه خلط غليظ لزج يسد منافذ بطون الدماغ سدة غير تامة، فيمتنع نفوذ الحس و الحركة فيه و في الأعضاء نفوذا تاما من غير انقطاع بالكلية، و قد تكون لأسباب أخر كريح غليظ يحتبس في منافذ الروح، أو بخار ردي‌ء يرتفع إليه من بعض الأعضاء، أو كيفية لاذعة، فينقبض الدماغ لدفع المؤذي، فيتبعه تشنّج في جميع الأعضاء، و لا يمكن أن يبقى الإنسان معه منتصبا، بل يسقط، و يظهر في فيه الزبد غالبا.

و هذه العلة تعد من جملة الأمراض الحادة باعتبار وقت وجوده المؤلم خاصة، و قد تعد من جملة الأمراض المزمنة باعتبار طول مكثها، و عسر برئها، لا سيما إن تجاوز في السن خمسا و عشرين سنة، و هذه العلة في دماغه، و خاصة في جوهره، فإن صرع هؤلاء يكون لازما. قال أبقراط: إن الصرع يبقى في هؤلاء حتى يموتوا.

إذا عرف هذا، فهذه المرأة التي جاء الحديث أنها كانت تصرع و تتكشف، يجوز أن يكون صرعها من هذا النوع، فوعدها النبي (صلى اللّه عليه و سلم) الجنة بصبرها على هذا المرض، و دعا لها ألّا تتكشف، و خيّرها بين الصبر و الجنة، و بين الدعاء لها بالشفاء من غير ضمان، فاختارت الصبر و الجنة.

و في ذلك دليل على جواز ترك المعالجة و التداوي، و أن علاج الأرواح بالدعوات و التوجه إلى اللّه يفعل ما لا يناله علاج الأطباء، و أن تأثيره و فعله، و تأثر الطبيعة عنه و انفعالها أعظم من تأثير الأدوية البدنية، و انفعال الطبيعة عنها، و قد جربنا هذا مرارا نحن و غيرنا، و عقلاء الأطباء معترفون بأن لفعل القوى النفسية، و انفعالاتها في شفاء الأمراض عجائب، و ما على الصناعة الطبية أضرّ من زنادقة القوم، و سفلتهم، و جهالهم. و الظاهر أن صرع هذه المرأة كان من هذا النوع، و يجوز أن يكون من جهة الأرواح، و يكون رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) قد خيّرها بين الصبر على ذلك مع الجنة، و بين الدعاء لها بالشفاء، فاختارت الصبر و الستر، و اللّه أعلم.

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست