responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 53

فقلت لها: هو لا يحبك، قالت: أنا أريد أن أحجّ به، فقلت لها هو لا يريد أن يحجّ معك، فقالت أنا أدعه كرامة لك، قال: قلت: لا و لكن طاعة للّه و لرسوله، قالت:

فأنا أخرج منه، قال: فقعد المصروع يلتفت يمينا و شمالا، و قال: ما جاء بي إلى حضرة الشيخ، قالوا له: و هذا الضرب كلّه؟ فقال و على أي شي‌ء يضربني الشيخ و لم أذنب، و لم يشعر بأنه وقع به ضرب البتة

و كان يعالج بآية الكرسي، و كان يأمر بكثرة قراءتها المصروع و من يعالجه بها، و بقراءة المعوذتين.

و بالجملة فهذا النوع من الصرع، و علاجه لا ينكره إلا قليل الحظ من العلم و العقل و المعرفة، و أكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله تكون من جهة قلة دينهم، و خراب قلوبهم و ألسنتهم من حقائق الذكر، و التعاويذ، و التحصّنات النبوية و الإيمانية، فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح معه، و ربما كان عريانا فيؤثر فيه هذا.

و لو كشف الغطاء، لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعى هذه الأرواح الخبيثة، و هي في أسرها و قبضتها تسوقها حيث شاءت، و لا يمكنها الامتناع عنها و لا مخالفتها، و بها الصرع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلا عند المفارقة و المعاينة، فهناك يتحقق أنه كان هو المصروع حقيقة، و باللّه المستعان.

و علاج هذا الصرع باقتران العقل الصحيح إلى الإيمان بما جاءت به الرسل، و أن تكون الجنة و النار نصب عينيه و قبلة قلبه، و يستحضر أهل الدنيا، و حلول المثلات و الآفات بهم، و وقوعها خلال ديارهم كمواقع القطر، و هم صرعى لا يفيقون، و ما أشدّ داء هذا الصرع، و لكن لما عمّت البليّة به بحيث لا يرى إلا مصروعا، لم يصر مستغربا و لا مستنكرا، بل صار لكثرة المصروعين عين المستنكر المستغرب خلافه.

فإذا أراد اللّه بعبد خيرا أفاق من هذه الصرعة، و نظر إلى أبناء الدنيا مصروعين حوله يمينا و شمالا على اختلاف طبقاتهم، فمنهم من أطبق به الجنون، و منهم من يفيق أحيانا قليلة، و يعود إلى جنونه، و منهم من يفيق مرة، و يجن أخرى، فإذا أفاق عمل عمل أهل الإفاقة و العقل، ثم يعاوده الصرع فيقع في التخبط.

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست