نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 43
التي دم أصحابها في غاية النضج الحجامة فيها أنفع من الفصد بكثير، فإن الدم ينضج و يرقّ و يخرج إلى سطح الجسد الداخل، فتخرج الحجامة ما لا يخرجه الفصد، و لذلك كانت أنفع للصبيان من الفصد، و لمن لا يقوى على الفصد و قد نص الأطباء على أن البلاد الحارة الحجامة فيها أنفع و أفضل من الفصد، و تستحب في وسط الشهر، و بعد وسطه. و بالجملة، في الربع الثالث من أرباع الشهر، لأن الدم في أول الشهر لم يكن بعد قد هاج و تبيغ، و في آخره يكون قد سكن. و أما في وسطه و بعيده، فيكون في نهاية التزيد.
قال صاحب القانون: و يؤمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر، لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت و هاجت، و لا في آخره لأنها تكون قد نقصت، بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة بالغة في تزايدها لتزيد النور في جرم القمر.
و قد روي عن النبي (صلى اللّه عليه و سلم)، أنه قال: «خير ما تداويتم به الحجامة و الفصد» [1]. و في حديث: «خير الدّواء الحجامة و الفصد». انتهى.
و قوله (صلى اللّه عليه و سلم): «خير ما تداويتم به الحجامة» إشارة إلى أهل الحجاز، و البلاد الحارة، لأن دماءهم رقيقة، و هي أميل إلى ظاهر أبدانهم لجذب الحرارة الخارجة لها إلى سطح الجسد، و اجتماعها في نواحي الجلد، و لأن مسام أبدانهم واسعة، و قواهم متخلخلة، ففى الفصد لهم خطر، و الحجامة تفرق اتصالي إرادي يتبعه استفراغ كلي من العروق و خاصة العروق التي لا تفصد كثيرا و لفصد كل واحد منها نفع خاص، ففصد الباسليق: ينفع من حرارة الكبد و الطحال و الأورام الكائنة فيهما من الدم، و ينفع من أورام الرئة، و ينفع من الشّوصة [2] و ذات الجنب و جميع الأمراض الدموية العارضة من أسفل الركبة إلى الورك.
و فصد الأكحل: ينفع من الامتلاء العارض في جميع البدن إذا كان دمويا، و كذلك إذا كان الدم قد فسد في جميع البدن.
و فصد القيفال: [3] ينفع من العلل العارضة في الرأس و الرقبة من كثرة الدم أو فساده.
[1] أخرجه ابو نعيم في كتاب الطب النبوي بلفظ «خير ما تداويتم به الحجم و الفصد» عن علي أمير المؤمنين رضي اللّه عنه، أما لفظ «خير ما تداويتم به الحجامة و الفصد» بتأنيث الحجامة لم نعثر عليه في شيء من كتب الحديث التي اطلعنا عليها.
[2] الشّوصة: وجع في البطن، أو هي ريح تعتقب في الأضلاع، أو ورم في حجابها من داخل، و احتلاح العرق- انظر القاموس المحيط
[3] القيفال بالكسر: عرق في اليد يفصد- المرجع السابق
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 43