نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 40
فصل في هديه في العلاج بشرب العسل، و الحجامة، و الكي
في «صحيح البخاري»: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم)، قال: «الشّفاء في ثلاث: شربة عسل، و شرطة محجم، و كيّة نار، و أنا أنهى أمّتي عن الكيّ» [1].
قال أبو عبد اللّه المازري: الأمراض الامتلائية: إما أن تكون دموية، أو صفراوية، أو بلغمية، أو سوداوية. فإن كانت دموية، فشفاؤها إخراج الدم، و إن كانت من الأقسام الثلاثة الباقية، فشفاؤها بالإسهال الذي يليق بكل خلط منها، و كأنّه (صلى اللّه عليه و سلم) نبه بالعسل على المسهلات، و بالحجامة على الفصد، و قد قال بعض الناس: إن الفصد يدخل في قوله: «شرطة محجم». فإذا أعيا الدواء، فاخر الطب الكيّ، فذكره (صلى اللّه عليه و سلم) في الأدوية، لأنه يستعمل عند غلبة الطباع لقوى الأدوية، و حيث لا ينفع الدواء المشروب. و قوله: «و أنا أنهى أمتي عن الكي»، و في الحديث الآخر: «و ما أحبّ أن أكتوي» [2]، إشارة إلى أن يؤخر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه، و لا يعجل التداوي به لما فيه من استعجال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكي، انتهى كلامه.
و قال بعض الأطباء: الأمراض المزاجية: إما أن تكون بمادة، أو بغير مادة، و المادية منها: إما حارة، أو باردة، أو رطبة، أو يابسة، أو ما تركب منها، و هذه الكيفيات الأربع، منها كيفيتان فاعلتان: و هما الحرارة و البرودة، و كيفيتان منفعلتان؛ و هما الرطوبة و اليبوسة، و يلزم من غلبة إحدى الكيفيتين الفاعلتين استصحاب كيفية منفعلة معها، و كذلك كان لكل واحد من الأخلاط الموجودة في البدن، و سائر المركبات كيفيتان: فاعلة و منفعلة.
[1] أخرجه البخاري، و ابن ماجه في الطب عن ابن عباس.