نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 166
الأطعمة العفنة و المالحة، كالكوامخ و المخلّلات، و الملوحات، و كل هذه الأنواع ضار مولد لأنواع من الخروج عن الصحة و الاعتدال.
و كان يصلح ضرر بعض الأغذية ببعض إذا وجد إليه سبيلا، فيكسر حرارة هذا ببرودة هذا، و يبوسة هذا برطوبة هذا، كما فعل في القثاء و الرطب، و كما كان يأكل التمر بالسّمن، و هو الحيس، و يشرب نقيع التمر يلطّف به كيموسات الأغذية الشديدة.
و كان يأمر بالعشاء، و لو بكفّ من تمر، و يقول: «ترك العشاء مهرمة»، ذكره الترمذي في «جامعه»، و ابن ماجه في «سننه» [1] و ذكر ابو نعيم عنه أنه كان ينهى عن النوم على الأكل، و يذكر أنه يقسي القلب، و لهذا في وصايا الأطباء لمن أراد حفظ الصحة: أن يمشي بعد العشاء خطوات و لو مائة خطوة، و لا ينام عقبه، فإنه مضر جدا، و قال مسلموهم: أو يصلي عقيبه ليستقر الغذاء بقعر المعدة، فيسهل هضمه، و يجود بذلك.
و لم يكن من هديه أن يشرب على طعامه فيفسده، و لا سيما إن كان الماء حارا أو باردا، فإنه رديء جدا. قال الشاعر:
لا تكن عند أكل سخن و برد* * * و دخول الحمّام تشرب ماء
فإذا ما اجتنبت ذلك حقّا* * * لم تخف ما حييت في الجوف داء
و يكره شرب الماء عقيب الرياضة، و التعب، و عقيب الجماع، و عقيب الطعام و قبله، و عقيب أكل الفاكهة، و إن كان الشرب عقيب بعضها أسهب من بعض، و عقب الحمام، و عند الانتباه من النوم، فهذا كلّه مناف لحفظ الصحة، و لا اعتبار بالعوائد، فإنها طبائع ثوان.