نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 167
فصل
و أما هديه في الشراب، فمن أكمل هدي يحفظ به الصحة، فإنه كان يشرب العسل الممزوج بالماء البارد، و في هذا من حفظ الصحة ما لا يهتدي إلى معرفته إلا أفاضل الأطباء، فإن شربه و لعقه على الريق يذيب البلغم، و يغسل خمل المعدة، و يجلو لزوجتها، و يدفع عنها الفضلات، و يسخنها باعتدال، و يفتح سددها، و يفعل مثل ذلك بالكبد و الكلى و المثانة، و هو أنفع للمعدة من كل حلو دخلها، و إنما يضر بالعرض لصاحب الصّفراء لحدته وحدة الصفراء، فربما هيّجها، و دفع مضرته لهم بالخلّ، فيعود حينئذ لهم نافعا جدا، و شربه أنفع من كثير من الأشربة المتخذة من السكر أو أكثرها، و لا سيما لمن لم يعتد هذه الأشربة، و لا ألفها طبعه، فإنه إذا شربها لا تلائمه ملاءمة العسل، و لا قريبا منه، و المحكّم في ذلك العادة، فإنها تهدم أصولا، و تبني أصولا.
و أما الشراب إذا جمع وصفي الحلاوة و البرودة، فمن أنفع شيء للبدن. و من أكبر أسباب حفظ الصحة، و للأرواح و القوى، و الكبد و القلب، عشق شديد له، و استمداد منه، و إذا كان فيه الوصفان، حصلت به التغذية، و تنفيذ الطعام إلى الأعضاء، و إيصاله إليها أتم تنفيذ.
و الماء البارد رطب يقمع الحرارة، و يحفظ على البدن رطوباته الأصلية، و يرد عليه ما تحلل منها، و يرفّق الغذاء و ينفذه في العروق.
و اختلف الأطباء: هل يغذي البدن؟ على قولين: فأثبتت طائفة التغذية به بناء على ما يشاهدونه من النمو و الزيادة و القوة في البدن به، و لا سيما عند شدة الحاجة إليه.
قالوا: و بين الحيوان و النبات قدر مشترك من وجوه عديدة منها: النمو و الاغتذاء و الاعتدال، و في النبات قوة حس تناسبه، و لهذا كان غذاء النبات
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 167