responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 141

يسير، و أيضا فإنه ليس الذي أوجده عن عدمه، حتى يكون ملكه حقيقة، و لا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده، و لا يبقي عليه وجوده، فليس له فيه تأثير، و لا ملك حقيقي، و أيضا فإنه متصرف فيه بالأمر تصرّف العبد المأمور المنهي، لا تصرف الملاك، و لهذا لا يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي.

و الثاني: أن مصير العبد و مرجعه إلى اللّه مولاه الحق، و لا بد أن يخلّف الدنيا وراء ظهره، و يجي‌ء ربه فردا كما خلقه أوّل مرة بلا أهل و لا مال و لا عشيرة، و لكن بالحسنات و السيئات، فإذا كانت هذه بداية العبد و ما خوّله و نهايته، فكيف يفرح بموجود، أو يأسى على مفقود، ففكره في مبدئه و معاده من أعظم علاج هذا الداء، و من علاجه أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، و ما أخطأه لم يكن ليصيبه. قال تعالى: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‌ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ [1]

و من علاجه أن ينظر إلى ما أصيب به، فيجد ربه قد أبقى عليه مثله، أو أفضل منه، و ادّخر له- إن صبر و رضي- ما هو أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة، و أنه لو شاء لجعلها أعظم مما هي.

و من علاجه أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب، و ليعلم أنه في كل واد بنو سعد [1]، و لينظر يمنة، فهل يرى إلا محنة؟ ثم ليعطف يسرة، فهل يرى إلا حسرة؟ [2]، و أنه لو فتش العالم لم ير فيهم إلا مبتلى، إما بفوات محبوب، أو حصول مكروه، و أن شرور الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل، إن أضحكت قليلا، أبكت كثيرا، و إن سرت يوما، ساءت دهرا، و إن متّعت قليلا، منعت طويلا، و ما ملأت دارا خيرة إلا ملأتها عبرة، و لا سرته بيوم سرور إلا خبأت له يوم شرور، قال ابن مسعود- رضي اللّه عنه-: لكل فرحة ترحة، و ما ملئ بيت فرحا إلا ملئ ترحا. و قال ابن سيرين: ما كان ضحك قط إلا كان من بعده بكاء.

و قالت هند بنت النعمان: لقد رأيتنا و نحن من أعزّ الناس و أشدهم ملكا، ثم لم تغب الشمس حتى رأيتنا و نحن أقلّ الناس، و أنه حقّ على اللّه ألّا يملأ دارا خيرة إلا ملأها عبرة.


[1] الحديد- 22-

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست