responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 142

و سألها رجل أن تحدثه عن أمرها، فقالت؛ أصبحنا ذا صباح، و ما في العرب أحد إلا يرجونا، ثم أمسينا و ما في العرب أحد إلا يرحمنا.

و بكت أختها حرقة بنت النعمان يوما، و هي في غزها، فقيل لها: ما يبكيك، لعل أحدا آذاك؟ قالت: لا، و لكن رأيت غضارة [1] في أهلي، و قلما امتلأت دار سرورا إلا امتلأت حزنا.

قال إسحاق بن طلحة: دخلت عليها يوما، فقلت لها: كيف رأيت عبرات الملوك؟ فقالت: ما نحن فيه اليوم خير مما كنا فيه الأمس، إنا نجد في الكتب أنه ليس من أهل بيت يعيشون في خيرة إلا سيعقبون بعدها عبرة، و أن الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بطن لهم بيوم يكرهونه، ثم قالت:

فبينا نسوس النّاس و الأمر أمرنا* * * إذا نحن فيهم سوقة نتنصّف‌

فأفّ لدنيا لا يدوم نعيمها* * * تقلّب تارات بنا و تصرّف‌

[2] و من علاجها أن يعلم أن الجزع لا يردها، بل يضاعفها، و هو في الحقيقة من تزايد المرض.

و من علاجها أن يعلم أن فوت ثواب الصبر و التسليم، و هو الصلاة و الرحمة و الهداية التي ضمنها اللّه على الصبر، و الاسترجاع أعظم من المصيبة في الحقيقة.

و من علاجها أن يعلم أن الجزع بشمت عدوه، و يسوء صديقه، و يغضب ربه، و يسر شيطانه، و يحبط أجره، و يضعف نفسه، و إذا صبر و احتسب أنضى شيطانه، و رده خاسئا، و أرضى ربه، و سر صديقه، و ساء عدوه، و حمل عن إخوانه، و عزّاهم هو قبل أن يعزّوه، فهذا هو الثبات و الكمال الأعظم، لا لطم الخدود، و شقّ الجيوب، و الدعاء بالويل و الثبور، و السخط على المقدور.

و من علاجها: أن يعلم أن ما يعقبه الصبر و الاحتساب من اللذة و المسرة أضعاف ما كان يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقي عليه، و يكفيه من ذلك بيت الحمد الذي يا بنى له في الجنة على حمده لربه و استرجاعه، فلينظر: أيّ المصيبتين أعظم؟: مصيبة العاجلة، أو مصيبة فوات بيت الحمد في جنة الخلد. و في‌

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست