نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 128
فإن قيل: فقد ظهرت مناسبة الغسل، فما مناسبة صبّ ذلك الماء على المعين؟
قيل: هو في غاية المناسبة، فإن ذلك الماء ماء طفئ به تلك النارية، و أبطل تلك الكيفية الرديئة من الفاعل، فكما طفئت به النارية القائمة بالفاعل طفئت به، و أبطلت عن المحل المتأثر بعد ملابسته للمؤثر العائن، و الماء الذي يطفأ به الحديد يدخل في أدوية عدة طبيعية ذكرها الأطباء، فهذا الذي؟ طفئ به نارية العائن لا يستنكر أن يدخل في دواء يناسب هذا الداء و بالجملة فطب الطبائعية و علاجهم بالنسبة إلى العلاج النبوي، كطب الطّرقية بالنسبة إلى طبهم، بل أقل، فإن التفاوت الذي بينهم و بين الأنبياء أعظم، و أعظم من التفاوت الذي بينهم و بين الطّرقية بما لا يدرك الإنسان مقداره، فقد ظهر لك عقد الإخاء الذي بين الحكمة و الشرع و عدم مناقضة أحدهما للآخر، و اللّه يهدي من يشاء إلى الصواب، و يفتح لمن أدام قرع باب التوفيق منه كلّ باب، و له النعمة السابغة، و الحجة البالغة.
فصل
من علاج ذلك أيضا و الاحتراز منه ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردّها عنه، كما ذكر البغويّ في كتاب «شرح السنة»: أن عثمان رضي اللّه عنه رأى صبيا مليحاج فقال: دسّموا نونته لئلا تصيبه العين، ثم قال في تفسيره و معنى: دسموا نونته أي سوّدوا نونته، و النونة النّقرة التي تكون في ذقن الصبيّ الصغير.
و قال الخطابي في «غريب الحديث» له عن عثمان: إنه رأى صبيا تأخذه العين، فقال: دسّموا نونته؟؟؟ فقال أبو عمرو سألت أحمد بن يحيى عنه، فقال أراد بالنونة النّقرة التي في ذقنه. و التدسيم التسويد أراد: سوّدوا ذلك الموضع من ذقنه، ليرد العين قال: و من هذا حديث عائشة أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) خطب ذات يوم، و على رأسه عمامة دسماء أي سوداء. أراد الاستشهاد على اللفظة، و من هذا أخذ الشاعر قوله
ما كان أحوج ذا الكمال إلى* * * عيب يوقيه من العين
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 128