إن من الذين ترجموا الشريف من كان في أعلام الكتاب كأبن أبي الحديد، و الخطيب البغدادي (الذي يتحفظ في كتابه في ايراد النعوت و المزايا) ، و الثعالبي في كتابه «يتيمية الدهر» ، و فيما كتبه هؤلاء عنه كفاية، و المترجمون له غيرهم كثيرون، و هنا نأتي على خلاصة ما أوردوه:
(كان الشريف عالما، أديبا، شاعرا، مفلقا، فصيح النظم ضخم الألفاظ، متصرفا في فنون القريض. إن قصد الرقة في النسيب أتى بالعجب العجاب، و إن أراد الفخامة و جزالة الألفاظ في المدح و غيره أتى بما لا يشق له غبار، و إن قصد المراثي جاء سابقا و الشعراء منقطع أنفاسها. إبتدأ يقول الشعر بعد أن جاوز العشر سنين بقليل. و روى عن (ابن محفوظ) شهادة جماعة من أهل العلم و الأدب بأنه أشعر قريش.
و ضم ابن محفوظ رأيه إليهم فقال هذا صحيح، و يشهد لذلك شعره العالي القدح، الممتنع عن القدح الذي يجمع إلى السلاسة متانة و إلى السهولة رصانة، و يشتمل على معان يقرب جناها و يبعد مداها، و كان مع هذا مترسلا ذا كتابة قوية و أدب ظاهر، و فضل باهر و حظ من جميع المحاسن وافر) . (انتهى) و لقد كان للشريف مطامع و أهواء في الملك و السياسة و هو ممن يقال فيهم أنه لا ينام إلا على سر مبيت، أو غرض دفين، و ذلك مما يشحذ القريحة و يكدها كأداة يتصل فيها بأحلامه الجميلة و الأدباء الذين يتلابسون مع الملوك و يتصلون فيها اتصال استغلال و استثمار في جهات