نام کتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 52
بالحق و بكلّ شيء لأنه يرى فيه الحق و يعلم أنّه منه و أنّ مصيره إليه، لأنه ينظر إلى الأشياء بنور اللّه.
و الجاهل مطلوبه إنّما هي اللذّات الفانية التي هي حاجات متعبة و ضرورات مزعجة، فإنّ الأكل و الشرب و الوقاع و قهر العدوّ و نحوها مثلا إن هي إلّا دفع آلام و رفع كربات و تسكين نيران و إطفاء لهبات من جوع أو عطش أو غلمة [1] أو تشفّي غيظ أو نحو ذلك. و إنّما سمّي ما يحصل له عقيب انفعاله عنها فرحا و سرورا من باب الغلط و الاشتباه، لعدم وجدان صاحبه الفرح الحقيقي، فيحصل بسببه الغرور، كما قال سبحانه: إِنَّمَا الْحَيٰاةُ الدُّنْيٰا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ- إلى قوله- وَ مَا الْحَيٰاةُ الدُّنْيٰا إِلّٰا مَتٰاعُ الْغُرُورِ[2]. بل كلّما نال منها شيئا اهتم في تحصيل آخر و لم يرض به و هكذا، فهو دائما في غمّ و حزن في تحصيل مأربة، و مأربة كَسَرٰابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مٰاءً حَتّٰى إِذٰا جٰاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً[3].
و «ضدّه الحزن» إنّما كان الحزن من جنود الجهل لأنّه إنّما يكون على ما فات، و العاقل من حيث هو عاقل لا يتأسّف على ما فاته، قال اللّه سبحانه: لِكَيْلٰا تَأْسَوْا عَلىٰ مٰا فٰاتَكُمْ[4]، و قال: إِنَّ أَوْلِيٰاءَ اللّٰهِ لٰا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لٰا هُمْ يَحْزَنُونَ[5].
و «الالفة» يعني بالموافق و المخالف، قال استادنا (قدّس سرّه): الوجه في كون الالفة من صفات العقل أنّه جوهر مرتفع الذات عن الجسم و الجسمانيات، و عالمه عالم الوحدة و الجمعية، و منه يتفرّع كلّ خير و رحمة، و الجهل صفة النفوس المتعلّقة بالأجسام التي وجودها عين قبول الانقسام و الافتراق، و وحدتها عين الكثرة، و وصلها عين الفصل و المباينة. و كلّ واحد من ذوي النفوس الجزئية قبل أن يستكمل ذاته عقلا بالفعل، لا يحبّ إلّا نفسه، بل يعادي غيره و يحسده على ما آتاه اللّه من فضله، و إذا أحبّ أحدا فإنّما أحبّه ليتوصّل به إلى هواه أو شهوته، فإذا ارتفعت الأغراض و الأعراض من بينهم كما في الآخرة رجعوا إلى ما كانوا عليه من الفرقة و العداوة، كما قال سبحانه: الْأَخِلّٰاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ
[1]. الغلمة: هيجان شهوة النكاح من المرأة و الرجل «مجمع البحرين: 6/ 127».