نام کتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 47
و هو التذلّل، و ربّما يفرّق بينه و بين الخشوع بأن يخصّ الخضوع بالصوت و البصر، و الخشوع بالبدن، أو أحدهما بالقلب و الاخر بالجوارح. «و ضدّه التطاول» هو الترفّع و الاستحقار.
«و السلامة و ضدّها البلاء» و يأتي أيضا «و العافية و ضدّها البلاء» و ربّما يفرّق بينهما بأن يجعل البلاء الذي ضدّ السلامة بمعنى الامتحان و الاختبار و يكون بالخير و الشرّ، و البلاء الذي ضدّ العافية، بمعنى البلوى و البليّة. و ربّما يخصّ متعلّق أحدهما ممّا يكون العبد سببا له كالفسوق و العادات الرديّة، و الاخرى بما يكون من جهته سبحانه كالأمراض و العلل، أو يخصّ إحداهما بالروح و الاخرى بالجسد، أو يخصّ إحداهما بالنفس و الاخرى بما يخرج عنها كالأهل و المال و الولد، و الأوّل أولى.
ثم إن فسّرناهما أو إحداهما بالخلوّ من الأمراض النفسانية و الآراء الفاسدة و الأعمال القبيحة فكونهما من جنود العقل، و كون ضدّهما من جنود الجهل ظاهر، فإنّ العاقل يتخلّص منها لمعرفته بها، و الجاهل يختارها و يقع فيها من حيث لا يشعر. و أمّا إذا فسّرناهما أو إحداهما بالخلوّ من الأمراض و العلل، فبيانه يحتاج إلى بسط في الكلام مع أنه ورد في الحديث: «إنّ البلاء موكّل بالأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثال فالأمثل» [1] فكيف يكون من جنود الجهل ما هو بالأنبياء و الأولياء أخصّ و بهم أليق!
فنقول و باللّه التوفيق: قد دلّ قوله سبحانه: مٰا أَصٰابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ[2] على أن جميع المصائب من الأمراض و العلل و غيرها متسبّب عن سيّئات العبد و معاصيه الناشئة من جهله، فهو بمقدار جهله و قلّة عقله سبب لمعاصيه الموجبة لابتلائه بالبلايا.
و أمّا الأنبياء و الأولياء فابتلاؤهم مخصوص بأبدانهم و ما يتعلّق بحياتهم الدنيوية فحسب دون أرواحهم و ما يرتبط بحياتهم الاخروية، و أبدانهم في معرض الغافلة و الحجاب و البعد عن اللّه سبحانه اللازمة للبشرية، فهم إنّما يبتلون في أبدانهم بقدر غفلتهم و لوازم بشريّتهم في هذه الدار التي هي بمنزلة السجن لهم ليتخلّصوا إلى جناب القدس خالصين مخلصين (بفتح اللام) و هذا لا ينافي عصمتهم، لأنّ عصمتهم إنما هي من الذنوب و المعاصي لا المباحات المبعدة لهم