و كان هشام بن إسماعيل [1] واليا على المدينة من قبل عبد الملك بن مروان، و كان أيّام ولايته يتعمّد الإساءة إلى الإمام زين العابدين (عليه السّلام)، و لمّا حكم الوليد بعد والده عبد الملك عزل هشاما، و أمر أن يوقف في طريق عام، و يعرض للنّاس، كي يقتص منه كلّ من أساء إليه أيّام ولايته، فكان الّذين يمرون به من الّذين ظلمهم، و أساء إليهم يشتمونه، و يضربونه، و يطالبونه بردّ ظلامتهم، و كان أخوف ما يخاف من الإمام زين العابدين (عليه السّلام) لكثرة ما أساء إليه.
و لكنّ الإمام (عليه السّلام) جمع أهله و خاصّته، و أوصاهم أن لا يتعرض له أحد منهم بما يكره، و كان يمر به فيسلم عليه، و يلطف به، و يقول له: انظر، إلى ما أعجزك من مال تطالب به، فعندنا ما يسعدك فطب نفسا منّا و من كلّ من يطيعنا [2]. فقال هشام: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ[3].
و بعد مذبحة كربلاء ثار أهل المدينة على الأمويّين و طردهم منها، و أراد مروان بن الحكم أن يستودع أهله و أولاده، و يأمن عليهم عند من يحميهم من القتل، و التّشريد، فلم يقبلهم أحد، فضمّهم الإمام زين العابدين إلى عياله، و حماهم بكنفه، و أحسن إليهم، و دافع عنهم، و لم يدع أحدا يصل إليهم بسوء [4].