تخاذلون، أجل و اللّه، الخذل فيكم معروف، و شجت عليه أصولكم، و تآزرت عليه فروعكم، و ثبتت عليه قلوبكم. و غشيت صدوركم، فكنتم أخبث ثمرة:
شجي للناظر، و أكلة للغاصب.
ألا و إنّ الدعيّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين بين السّلّة و الذّلّة، و هيهات منّا الذّلّة، يأبي اللّه لنا ذلك و رسوله و المؤمنون، و جدود طابت، و حجور طهرت، و أنوف حميّة، و نفوس أبيّة، لا تؤثر طاعة اللّئام على مصارع الكرام .. [1].
أما و اللّه لا تلبثون بعدها إلّا كريثّما يركب الفرس، حتّى تدور بكم دور الرّحي، و تقلق قلق المحور، عهد عهده إليّ أبي عن جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله):
و قال الحسين، حين بلغه مقتل ابن عمّه مسلم: «و أيم اللّه لتقتلني الفئة الباغية، و ليلبسنّهم اللّه ذلا شاملا، و سيفا قاطعا» [4].
ليس هذا القول تنبأ بالصّدفة، و أخذا من مجرى الحوادث. كلّا، و إنّما هو كما قال الإمام عهد من اللّه سبحانه إلى نبيّه محمّد، و منه إلى أمير المؤمنين، و منه إلى الإمام الشّهيد، و قد صدق التّأريخ ذلك، و ما نقص منه شيء، فلم يلبث قاتلو
[1] انظر، تأريخ الطّبري: 5/ 425- 426 طبعة سنة 1964 م، الكامل في التّأريخ: 3/ 287- 288.