في مرتبة ذاته تعالى غير الإرادة و هذا هو الكلام النّفسيّ و هو الطّلب. فإذا ثبت ذلك في هذا المورد فليكن الحال في تمام موارد الأوامر و النّواهي على هذا القياس.
هذا، و قد اجاب عنه المحقّق الخراساني (قده) على مسلكه في تقرير اتّحاد الطّلب و الإرادة أنّ الطّلب الإنشائيّ موجود في هذا المورد كما أنّ الإرادة الإنشائيّة موجودة لأنّهما شيء واحد كما ذكره (قده) كما أنّ الإرادة الحقيقيّة غير موجودة في هذا المورد و الطّلب الحقيقيّ أيضا لم يكن موجودا لأنّهما أيضا شيء واحد.
ثانيهما: أمر العاصين و الكافرين مع عصيانهم و كفرهم مع أنّه ليس على وفق هذا الأمر إرادة أزليّة منه تعالى فإنّه إذا أراد شيئا فانما يقول له كن فيكون و حيث إنّ العصاة و الكفّار يتمرّدون و يتخلّفون عن أمر ربّهم فيعلم أنّه ليس الأمر من مبدإ إرادته تعالى بل يكون مبدؤه كلاما ذاتيا أزليّا غير الإرادة الأزليّة. و تقرير البرهان على صورة القياس الاستثنائيّ هو أنّه؛ لو كانت الإرادة الواجبة هي المبدا للطّلب الإنشائيّ، لزم حصول المطلوب في الخارج بالضّرورة لعدم جواز التّخلف و الانفكاك لأنّه معلول إرادة اللّه تعالى و التخلّف بمنزلة تخلّف المعلول عن العلّة التّامة، لكن المطلوب لا يحصل كثيرا كما في موارد العصاة فلم يكن الإرادة علّة للطّلب.
هذا تقرير استدلالهم بكلا الوجهين و حقّ الجواب أمّا عن الوجه الأوّل فهو: أنّ الغايات الكماليّة الّتي يمكن حصولها للاشخاص إنّما يحصل على نحوين: تارة يحصل باقتحام المكلّف و ارتكابه نفس الفعل مع جميع مقدّماته و تمام شرائطه و أخرى يحصل بمجرّد إتيان المقدّمات. فهذه الأوامر الّتي يشبه بالأوامر الامتحانيّة الّتي فى الموالي العرفيّة بعد ما لم يكن للامتحان حقيقة؛ فإنّ الامتحان لا ينبغي حقيقة لمن لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة، فلا سبيل إلّا أن يكون على النّحو الأخير، أي يكون تلك الأوامر لارتقاء العبد الى المراتب الكماليّة و المدارج العالية، فالإرادة هي المبدا للكلام اللّفظيّ الإنشائيّ حقيقة إلّا أنّها متعلّق بحصول الكمال للعبيد بهذا النّحو من الحصول أي بإتيان مجرّد المقدّمات حيث إنّ الكمال المطلوب