الإنشائيّات فإن كان الإنشاء أمرا فليس في النّفس وراء الإرادة شيء هو الكلام النّفسيّ و أنتم قد فرضتم أنّه غير الإرادة و إن كان الإنشاء نهيا فليس في النّفس بالوجدان غير الكراهة شيء آخر هو التّكلّم و الكلام النّفسيّ و قد فرضتم أنّه غير الكراهة النّفسيّة فإذا عرفنا أنفسنا هكذا أي لا نجد في أنفسنا بحسب الوجدان غير تلك الصّفات شيئا هو الكلام النّفسيّ فقد عرفنا ربّنا المتعال هكذا لأنّ «من عرف نفسه فقد عرف ربّه» فليس في ذات الباري تعالى وراء العلم و الإرادة و ساير الصّفات المعروفة شيء آخر هو التكلّم الذّاتيّ كي يكون هذا أيضا قديما في عداد القدماء الثّمانية كما لم يكن في أنفسنا شيء هو الكلام النّفسانيّ مدلول الكلام اللّفظيّ. هذا تقرير مذهبي المعتزلة و الأشاعرة.
و أمّا ما يناسب هذا البحث الكلامي الصّرف مع المقام فهو قول المعتزلة في خصوص الجمل الإنشائيّة على قسميه من الأمر و النّهي من أنّه ليس بالوجدان وراء الإرادة و الكراهة في الأمر و النّهي شيء في صقع النّفس هو الكلام النّفسيّ كى يكون هذا هو الطّلب فتكون الطّلب و الإرادة صفتين متغايرتين مثل العلم و الإرادة بل الكلام النّفسي هو عين الإرادة في الأمر و عين الكراهة في النّهي فليس الطّلب النّفسيّ موجودا حتّى يبحث في اتّحاده مع الإرادة بل الطّلب هو الطّلب اللّفظيّ فقط و تكون الإرادة مبدأ لهذا الطّلب اللّفظيّ. فتلّخص أنّ النّزاع بين الفريقين يدور أمره بين إثبات صفة حقيقيّة قائمة بالنّفس في عداد ساير الصّفات النّفسيّة غير الإرادة و الكراهة و العلم و بين نفيها.
فهم متّقون في أنّ هذا الكلام اللّفظيّ الإنشائي إنّما هو من صفات الفعل و لا شكّ في حدوثه بل حدوثه ذاتيّ لأنّه غير قارّ الذّات إلّا أنّ الاختلاف كلّه إنّما هو على أمر عقليّ جوهريّ هو إثبات الأشاعرة وجود مبدإ على حدة لهذا الكلام اللّفظيّ قائم بالنّفس غير الإرادة و العلم و يكون في ذات الباري تعالى قائما بذاته الأزليّة و حالّا فيها و يكون قديما بقدم اللّه تعالى و الكلام اللّفظيّ الحادث يدلّ عليه دلالة المعلول على علّته.
و نفى المعتزلة وجود هذا المبدا. فما أفاده المحقّق الخراسانيّ (قده) في المقام من التّصالح بين