لكن هاهنا كلام: و هو أنّ دليل التخيير الذي عرفت انحصاره تقريباً برواية ابن الجهم [1] إنّما يمكن التمسّك بإطلاقها لو تمّ اعتبارها سنداً، و إنّا و إن احتملنا- بل رجّحنا [2]- جبرَ سندها، لكنّه محلّ إشكال؛ لأنّ مبنى الأصحاب في وجوب الأخذ بأحد الخبرين تخييراً [3] لا يمكن أن يكون تلك الرواية:
أمّا أوّلًا: فلأنّ مفادها كما أشرنا إليه سابقاً [4] ليس إلّا التوسعة و جواز الأخذ بأحد الخبرين، مع أنّ فتوى الأصحاب إنّما هي بوجوب الأخذ بأحدهما تخييراً.
إلّا أن يقال: إنّ مستندهم في التخيير تلك الرواية، لا في عدم التساقط.
و أمّا ثانياً: فلأنّ المشهور بين الأصحاب- على ما حكي [5]- هو وجوب العمل بكلّ ذي مزيّة، بل عن جماعة الإجماع و عدم ظهور الخلاف فيه [6] مع أنّ إطلاق رواية ابن الجهم يقتضي الاقتصار على المنصوص من المرجّحات.
بل لو بنينا على استفادة التعميم من المرجّحات المنصوصة من الروايات- كما عليه الشيخ [7]- يلزم التقييد الكثير المستهجن في دليل التخيير؛ لندرة تساوي الروايتين من جميع الجهات.