و لهذا فلأحد أن يقول: إنّه من المحتمل أن يكون مبنى المشهور في الترجيح بكلّ ذي مزيّة، هو أصالة التعيين في الدوران بين التعيين و التخيير، لا لدليل تعبّدي، أو لفهم التعميم من أخبار العلاج.
فينقدح ممّا ذكرنا: أنّ رفع اليد عن مقتضى القاعدة في دوران الأمر بين التعيين و التخيير، لا يجوز إلّا بدليل معتبر، و لا دليل على التخيير إلّا رواية ابن الجهم، و هي لا تصلح للاستناد، فالقاعدة مقتضية للأخذ بكلّ ذي مزيّة، و هو في النتيجة كما أفاد الشيخ، و إن اختلف في الاستدلال.
هذا كلّه بعد تسليم عدم جواز رفع اليد عن كلا المتعارضين، و العمل بمقتضى الاصول، كما هو كذلك؛ للتسالم بين الأصحاب [1] بل كأنّه ضروري في الفقه، فإذن يجب في المتعارضين الترجيح بكلّ ذي مزيّة توجب الأقربيّة إلى الواقع، بل لو ظنّ أقربيّة أحدهما- بحيث دار الأمر بين التعيين و التخيير- يجب الأخذ به تعييناً؛ بمقتضى القاعدة المتقدّمة.
[1] فرائد الاصول: 441 سطر 23، بحر الفوائد: 42 السطر ما قبل الأخير (مبحث التعادل و الترجيح)، درر الفوائد: 663- 664.