حكي أنهم اختلفوا في الترادف فقيل بامتناعه و لعله للزوم العبث لعدم الحاجة اليه، و بدعوى أن ما يتراءى أنه منه ليس منه، لاختلافه باختلاف الحالات و الصفات، و قيل بوقوعه، و يظهر ذلك لمن تتبع قواميس اللغة.
و يمكن أن يقال بوقوعه، و أنه نشأ من مزج لغات القبائل، فإن كل قبيلة كانت تسمي الشيء باسم، و تسميه القبيلة الأخرى باسم آخر و هكذا، فلما جمع اللغويون القواميس توهموا و توهمنا معهم أن ذلك من الترادف، و يؤيده ما نشاهده في زماننا هذا من تسمية كل واحدة من الآلات المخترعة بعدة أسماء، فإن هذا التعدد نشأ من تسميتها في كل بلد أو قطر باسم مغاير للآخر.
و يمكن أن يقال أنه نشأ مما حكاه أئمة اللغة من أن العرب كانوا إذا اهتموا بشيء أكثروا من الوضع له و هو الترادف، و لذا كان للبعير عندهم عشرات الأسماء دون السفينة مثلا، و لكن من تتبع أسماء البعير و الأسد وجد أكثرها يشير إلى صنف من أصنافها.
و على كل حال، فما ذكرناه في هذا المبحث هو أكثر مما يستحقه لأنه عقيم لا ثمرة له.