أحدهما: أنه خلاف حكمة الوضع فإن المقصود من الوضع هو الإفهام و التفهيم، و الاشتراك مستلزم للإبهام و الإيهام.
و فيه: أنه يمكن الاعتماد في رفع الإبهام و الإيهام على القرائن.
و دعوى أن الاعتماد على القرائن يلزم منه التطويل بلا طائل، مضافا إلى أنّها قد تشتبه فيلزم الإجمال، و يؤيد ذلك ما شاع من أنّ كلام العرب مبني على الخفة و الاختصار، و اللغة العربية هي المعنية في هذه الابحاث، و إن كان الملاك يشمل غيرها، مدفوعة بأنه لا يلزم التطويل فيما كان الاتكال على القرائن العقلية أو المقامية أو اللفظية التي أتي بها لغرض آخر.
ثانيهما: عدم الداعي اليه لإمكان الاستغناء عنه بالمجاز، فإن المجاز باب واسع فيكون عبثا، و صدور ما يلزم منه العبث بعيد عن الحكيم.
و فيه: أنه ممنوع صغرى و كبرى، فانه ليس كل شيء غير ضروري يكون عبثا، و لأن الواضع ليس معصوما لينزه عن مثل ذلك.
القول الثاني: وجوب وقوعه في اللغات لتناهي الالفاظ و عدم تناهي المعاني،
و احتياج الناس إلى التفاهم يضطر الواضع الحكيم لأن يشرك بعض المعاني في بعض الالفاظ.
و فيه: أن دعوى تناهي الألفاظ ممنوعة، لإمكان تركيب الحروف تركيبا لا تناهي فيه، غاية ما يلزم تطويل الكلمات المفردة، و تطويلها في نفسها أولى من تطويلها بالقرائن التي قد لا تسلم من الاشتباه، فتامل.
و أما عدم تناهي المعاني ففيه أنّ المعاني الجزئية و إن كانت كذلك، إلّا أنّ المعاني الكلية متناهية و الوضع لها كاف، مضافا إلى أنّه لو سلم ما قالوه فهو لا يجدي، لأنّه إنّما يثبت لزومه إذا فرض عدم الاستغناء عنه بالمجاز، مضافا إلى أنّه