[دليل على عدم جواز تمسك العام فى الشبهة المصداقية]
المبحث الأول: في جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية و عدمه.
و المنسوب لمشهور القدماء هو الجواز و لعل منشأ النسبة تتبع بعض الموارد الفقهية، و من المستبعد تحريرهم لهذا المبحث بعنوانه الخاص، و مثاله ما لو قال اكرم العلماء و لا تكرم فساقهم، و علمنا بأن زيدا عالم و شككنا في فسقه، و كما إذا دار الأمر بين كون ما قطعه مسافة أو دونها لأنه على تقدير كون ما قطعه مسافة يكون من مصاديق الخاص، و على تقدير كونه ليس مسافة يكون من مصاديق العام [2].
و كيف كان فالتحقيق عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية لأمور:
أولها: قصور كل من العام و الخاص عن شمول الفرد المشكوك،
فإن دعوى شمول العام له معارضة بدعوى شمول الخاص له، و ترجيح احدهما على الآخر بلا مرجح.
ثانيها: أن الخاص منوع للعام،
لأن العام بمنزلة الجنس و الخاص بمنزلة الفصل، و الفصل مقسم للجنس فيكون كل من العام بعد تخصيصه و من الخاص معنونا بعنوان يخالف الآخر، ففي المثال الآنف يكون المتحصل (لا تكرم فساق العلماء و أكرم عدولهم)، و لا مجال لدعوى انطباق كل من العنوانين على مشكوك
[1]- هذا ما عثرنا عليه في المسودات مما يتعلق بهذا المقصد.
[2]- و أما لو علمنا بأن زيدا العالم يرتكب الصغيرة و يجتنب الكبيرة و شككنا في أن مرتكب الصغيرة فاسق أولا، فإنه يكون من الشبهة المفهومية لا المصداقية، و مثله ما لو قطع المسافر مسافة معلومة المقدار و شك في أن المسافة الشرعية هي هذا المقدار أو أكثر منه، فإنه يكون من باب الشبهة المفهومية أيضا.