responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 273


لمصالحهم الخاصة ، كما يقرره مبدأ الحرية الشكلية . يعني عدم إمكان وضع مبدأ ضمان العمل للعامل ، أو ضمان المعيشة لغير العامل من العاجزين ، لأن وضع مثل هذه الضمانات لا يمكن أن يتم بدون تحديد تلك الحريات ، التي يتمتع بها أصحاب العمل وأرباب الثروة . فإما أن يسمح لأصحاب العمل أو المال بالتصرف وفقاً لإرادتهم ، فتوفر بذلك لهم الحرية الشكلية ، ويصبح من غير الممكن إعطاء ضمانات للعمل أو المعيشة . وإما أن تعطى هذه الضمانات فلا يسمح لأصحاب العمل والمال أن يتصرفوا كما يحلو لهم ، وفي ذلك خروج على مبدأ الحرية الشكلية ، القائل : بضرورة السماح لكل أحد بالتصرف في المجال الاقتصادي كما يريد . ولما كانت الرأسمالية تؤمن بهذا المبدأ ، فقد وجدت نفسها مضطرة إلى رفض فكرة الضمان ، فكرة الحرية الجوهرية ، حفاظاً على توفير الحرية الشكلية لجميع الأفراد على السواء .
وبينما أخذ المجتمع الرأسمالي بالحرية الشكلية ، وطرح الحرية الجوهرية وفكرة الضمان جانباً ، وقف المجتمع الاشتراكي موقفاً معاكساً ، إذ قضت الاشتراكية الماركسية فيه على الحرية الشكلية ، بإقامة جهاز دكتاتوري يتولى السلطة المطلقة في البلاد . وزعمت أنها عوضت عن تلك الحرية الشكلية بحرية جوهرية ، أي بما تقدمه للمواطنين من ضمانات للعمل والحياة .
وهكذا أخذ كل من المذهبين بجانب من الحرية ، وطرح الجانب الآخر ولم يحل هذا التناقض المستقطب بين الحرية الشكلية والحرية الجوهرية ، أو بين الشكل والجوهر . . إلا في الإسلام ، الذي آمن بحاجة المجتمع إلى كلا اللونين من الحرية ، فوفر للمجتمع الحرية الجوهرية بوضع درجة معقولة من الضمان تسمح لجميع أفراد المجتمع الإسلامي بالحياة الكريمة ، وممارسة متطلباتها الضرورية ولم يعترف في حدود هذا الضمان بالحرية . وفي نفس الوقت لم يجعل من هذا الضمان مبرراً للقضاء على الحرية الشكلية ، وهدر قيمتها الذاتية والموضوعية ، بل فتح السبيل أمام كل فرد خارج حدود الضمان ، ومنحه من الحريات ما ينسجم مع مفاهيمه عن الكون والحياة فالمرء مضمون بدرجة وفي حدود خاصة ، وحر خارج هذه الحدود .

نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست