فلذلك لا يضر فيها صغر المكان، و لا يحتاج الكثير منها إلى محل كبير، فلذلك جعل البطن المؤخر من بطون الدماغ صغيرا جدا بالقياس إلى البطن المقدم بل هو أصغر كثيرا من كل واحد من جزأيه اللذين احدهما فى اليمين و الآخر فى الشمال، فأما البطن الوسط فانه لما كان كالدهليز الذى‌ [1] يحتاج إليه‌ [2] القوة التى فى مؤخر الدماغ لأن يشرف منه على جميع ما فى البطن المقدم من الصور على ما تعرفه بعد، وجب أن يكون فى مقداره على المقدار الذى لا بد منه فى ذلك.

فلذلك هو صغير جدا بالنسبة إلى البطن المقدم بل هو أيضا صغير بالنسبة إلى البطن المؤخر لأنه مؤد إليه، فالمؤدى لا محالة أصغر من الذى يؤدى هو إليه فلذلك يكون البطن المقدم اعظم كثيرا من مجموع البطنين الآخرين، فلذلك الغشاء القاسم للدماغ بنصفين، و هو الآخذ [3] عن يمين الدماغ إلى يساره يجب لا محالة ان يقع فى بعض البطن المقدم، فلذلك هذا الغشاء لا يجوز ان يمر فى أعلى الدماغ إلى اسفله على الاستواء، و الا كان يفصل مؤخر البطن المقدم عن مقدمه و كانت الروح التى فى مقدم البطن المقدم لا يتمكن من النفوذ إلى مؤخره، فلذلك هذا الغشاء إذا قطع سقف البطن المقدم انحرف من التسفل إلى تغشية باطن هذا البطن، فتكون فائدة غوص هذا الغشاء فى جرم الدماغ، هو التمكن من تغشية باطنه، و انما اختص غوصه بمنتصف أعلى الدماغ لأنه لا موضع أولى بذلك من آخر فيجب ان يكون هذا الغوص فى الوسط ليكون قسمته على باطن الدماغ على السواء فتكون هذه القسمة عادلة.

له: و انما ادرج الحجاب فيه ليكون فصلا اى ليفصل الجزء المقدم من الدماغ من الجزء المؤخر.

و هذا الكلام إنما يصح إذا كان انفصال الجزء المقدم من الجزء المؤخر له فائدة. و ذلك مما لا يظهر و لو كان له فائدة لكانت تلك الفائدة هى فائدة ادراج الحجاب هناك من غير حاجة إلى توسط كونه فصلا.

قوله: و قيل ليكون اللين مبرّا عن مماسة الصلب.

هذا الكلام فى غاية الفساد.

و ذلك لأن اللين إنما يجب أن يكون بينه و بين الصلب متوسطا إذا كان هناك امران: احدهما ان يكون ما يلاقى اللين من الصلب بضربه. و اما إذا كان هذا الانتقال بالتدريج. فان ذلك لا يجب لأن ما يلاقى أحد الجزأين حينئذ لا يكون بينه و بين ما يلاقيه تفاوت كثير فى اللين و الصلابة، فلا يمكن لملاقاته له مؤذيه، و لو وجب هذا التوسط مع الانتقال بتدريج لوجب ان يكون هذا المتوسط بين كل‌

[1] ب: التى‌

[2] ب: ساقطة

[3] ن: ليأخذ