نام کتاب : شرح تشريح القانون نویسنده : ابن نفيس جلد : 1 صفحه : 316
الحجاب، و ذلك بأن يخرقه [1] نافذا فيه. و لا بد و أن يكون عند موضع خرقه شديد الاتصال بالحجاب
إذ لو كان متبرما [2] عنه و لو بقدر يسير لكان النفس يخرج
من الخلل الذى بينهما و ينفذ إلى آلات الغذاء و ذلك فيه
[3] ضرر عظيم.
و لكان أيضا ما يسيل إلى داخل الصدر من القيح و غيره ينفذ فى ذلك
الخلل إلى آلات الغذاء فلذلك احتيج أن يكون التحام هذا العرق بالحجاب فى موضع خرقه
له شديدا و إنما يتمكن من ذلك إذا خرجت منه أجزاء تنبث فى جرم الحجاب و أقل [4] ذلك عرقان كل واحد منهما من جانب، و
بذلك يشتد التحام هذا العرق بالحجاب.
قوله: ثم يحاذى غلاف القلب فيرسل إليه شعبا كثيرة تتفرع كالشعر. أما
نفوذ هذه الشعب إلى غلاف القلب فلأجل تغذيته.
و أما أن هذه الشعب يجب فيها أن تكون شعرية فلأن هذا الغلاف يحتاج أن
يكون جرمه كثير الشحم ليمد [5] القلب بالدهنية فلا يعرض له جفاف لأجل حرارته و يبوسة جرمه مع دوام
تحركه [6] و مادة الشحم كما علمت هى مائية الدم
فلذلك يجب أن يكون الغذاء الواصل إلى هذا الغلاف كثير المائية و إنما يمكن ذلك بأن
تكون العروق التى تنفذ فيها شعرية حتى يمتنع عن نفوذ الدم الغليظ و المتين فيها، و
هاهنا سؤال ينبغى أن نحقق الكلام فيه:
و هو أنه للقائل أن يقول: ما السبب فى أن العرق الخارج من القلب إلى
غيره من الأعضاء عند أول خروجه منه تنفصل منه شعبتان إحداهما
[7] تستدير حول القلب و تنبث فى أجزائه، و الأخرى تنفذ إلى البطن
الأيمن؟
و اما الكبد فإن العرق الخارج منها إلى الأعضاء الأخر لا ينفصل منه
شىء يتفرق فى أجزائها؟
و جوابه: أن سبب ذلك أن العرق الخارج من القلب إلى الأعضاء فائدته
إفادة الروح للأعضاء و الحياة، و هذا العرق إنما يخرج من البطن الأيسر من القلب. و
هناك الروح الحيوانى فلو لم تنفصل من ذلك العرق ما ينفذ إلى بقية أجزاء القلب
لكانت تلك الأجزاء تخلو من الروح، و عن قوة الحياة.
و أما العرق الخارج من الكبد فإن فائدته إيصال الغذاء إلى جميع
الأعضاء. و الغذاء إنما يصل إلى هذا العرق بعد عمومه لأجزاء الكبد كلها، و ذلك من
الأجزاء المتفرقة منه و من الأجزاء المتفرقة من الباب و لذلك تكون جميع أجزاء
الكبد مستغنية عن غذاء ينفذ إليها من عرق ينفصل من هذا العرق