نام کتاب : شرح تشريح القانون نویسنده : ابن نفيس جلد : 1 صفحه : 110
المنفعة الأولى: أن الوقاية المحيطة بآلات التنفس و أعالى [1] آلات الغذاء لو جعلت عظما واحدا لا
نقلب [2]، و ذلك لأنها لو كانت عظما واحدا لم
يمكن أن يكون رقيقا جدا، و إلا كان متهيئا للانكسار بأدنى سبب فلا بد، و أن يكون
غليظا، و يلزم ذلك أن يكون ثقيلا.
و لقائل أن يقول: إن هذه الثقل يلزم سواء كانت عظما واحدا أو عظاما
كثيرة متصلا بعضها ببعض. فلو كان ذلك محذورا لوجب أن لا يخلق الرأس [3] من عظام متصلة بل من عظام كالأضلاع
منفرج بعضها من بعض بل فعل [4] ذلك فى الرأس أولى لأن جعل الثقيل فى الأعالى أسوأ [5] من جعله فيما دون ذلك غاية ما فى
الباب أن يقال أنه: لو لم تجعل عظام الرأس متصلة لكانت الوقاية تقل.
فنقول: و فى الصدر كذلك أيضا بل وجوب زيادة الوقاية هاهنا أولى لأن
القلب أشرف كثيرا من الدماغ فيكون بوجوب الاعتناء به أكثر.
المنفعة الثانية: إن هذه الوقاية لو كانت عظما واحدا لكان يكون
مستعدا لسريان ما يعرض لجزء منه من الآفات كالكسر و الصدع و العفونة، و ذلك لا
محالة ردىء فجعلت من عظام كثيرة.
و لقائل إن يقول: أن سريان الآفات من جزء العظم الواحد إلى باقى
أجزائه أهون كثيرا من [6]
وصول الآفات كالرماح و النشاب و غيرها من الأشياء الحادة النفّاذة إلى القلب و
الرئة من الخلل الذى بين الأضلاع و إذا كان كذلك كانت خلقة الصدر من عظم واحد أقل
مضرة من خلقته من اضلاع على هذه الهيئة.
المنفعة الثالثة: إن هذه الوقاية لو خلقت عظما واحدا لما أمكن أن
تتسع تارة و تضيق تارة أخرى، و الصدر يحتاج إليه فى
[7] ذلك فإنه يحتاج إلى أن ينبسط عند ازدياد الحاجة إلى الترويح على ما
فى الطبع و كذلك عند امتلاء المعدة و غيرها من الأحشاء غذاء أو نفخا، فإن ذلك
يزاحم الحجاب و غيره من آلات التنفس فيحتاج لذلك إلى اتساع الصدر ليتسع لمقدار [8] الهواء الكافى.
المنفعة الرابعة: انها لو خلقت عظما واحدا لم يكن فيه فرج يتخللها
عضل الصدر المعينة فى آلات [9] التنفس و ما يتصل به كالصوت و بيان ذلك أن التنفس قد دّللنا فيما
سلف على وجه الاضطرار إليه و هو إنما يتم بحركة الرئة، و الحجاب انبساطا و انقباضا
لينجذب الهواء عند الانبساط لاستحالة الخلاء، و يندفع فضول الروح، و ما يسخن من
ذلك الهواء. فبطلت فائدته عند الانقباض (و حركة الانقباض) و الانبساط.
))) قد بيّنا أنها لا تكون طبيعية بل و لا بد و أن تكون إرادية ( (
(و كل حركة إرادية، فقد بيّنا فيما سلف