نام کتاب : إلهيات المحاكمات نویسنده : الرازي، قطب الدين جلد : 1 صفحه : 298
: «الخلأ ممتنع لذاته» أنّ ما يتصوّره العقل من الخلأ يحكم عليه
العقل بأنّه ممتنع الوجود في الخارج، بالنظر إلى ذلك المتصوّر لا بالنظر إلى ذلك [1] الغير. و كذا معنى الواجب لذاته ليس
أنّ هناك ذاتا و وجودا تقتضيه و انمّا هو شيء يتصوّره العقل و يحكم عليه بالوجود
من حيث ذاته، لا بالنظر إلى الغير. بخلاف الممكن لذاته، فإنّ العقل لا يحكم [2] بوجوده و لا بعدمه إلّا بعد اعتبار
وجود علّته أو عدمها.
إذا تقرّر ذلك [3] فنقول: شيء يتصوّره العقل و يسمّيه بالخلإ، فعدم الخلأ عبارة عن
نفي ذلك المتصوّر بخلاف عدم الإنسان مثلا [4]، فإنّه نفي الموجود في الخارج فهما عدمان خارجيان، إلّا أنّ عدم
الخلأ عدم في الخارج لموجود عقلي، و عدم الإنسان عدم في الخارج لموجود خارجي. فمتى
وجد [5] المحويّ من حيث أنّه ملأ يلزمه نفى
ذلك المتصوّر قطعا، و متى انتفى ذلك المتصوّر يلزم وجود المحويّ من حيث إنّه ملأ،
فوجود المحويّ و عدم الخلأ متلازمان في نفس الأمر. و ليس المراد من قوله: «في
المتلازمين»: لا يتصوّر التلازم في العقل؛ إذ لا تلازم بحسب العقل على ما لا يخفى.
و على تقدير التلازم العقلي فهو ليس مقدّمة البرهان، فإنّ المقدّمة هي كونهما
متلازمين في الوجود بحسب الأمر نفسه [6]؛ بل المراد المبالغة في عدم التحقيق
[7] على ما هو الشائع في عرف التخاطب.
و في التقييد بقوله: «من حيث هو ملأ» فائدتان:
الأولى: إنّ هذا التلازم لا بدّ فيه من اعتبار الحاوي، فإنّ المحويّ
لا يستلزم من حيث ذاته نفي الخلأ؛ بل من حيث إنّه متجدّد بالحاوي [8]، فإنّ الخلأ هو المكان الخالي كما أنّ
الملأ هو المكان المملوء، فيجب اعتبار سطح الحاوي ثمّ تصوّره تارة خلأ و تارة ملأ.
و أمّا نفس الجسم فهو لا يستلزم الخلأ و لا الملأ، فإنّ الحاوي جسم و لا خلأ و لا [9] ملأ، إذ لا مكان له. فاستلزام المحويّ
نفس الخلأ ليس إلّا من حيث إنّه يملأ المكان.