نام کتاب : شرح كتاب سيبويه نویسنده : السيرافي، ابو سعید جلد : 1 صفحه : 240
مقامه كما يفعل بالمضاف إليه.
و مثل هذا في إضافة شيء واحد إلى
شيئين لتعلقه بهما المصدر الذي يضاف إلى الفاعل لوقوعه منه، و إلى المفعول لوقوعه
به، و إلى الزمان أيضا لوقوعه فيه، كقول اللّه تعالى: بَلْ
مَكْرُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ
و أما قول الشاعر:
...
و تشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر
ففيه وجهان؛ أحدهما: ما ذكرناه من
التقديم و التأخير، و ذلك أنا الضياطرة هم الذين يشقون بالرماح لقتلهم بها.
و الوجه الثاني: أنّ الرّماح تشقى
بالضياطرة؛ لأنه لم يجعلهم أهلا للتشاغل بها، و حقّر شأنهم جدّا، فجعل طعنهم
بالرّماح شقاء للرماح، كما يقال:" شقي الخّزّ بجسم فلان" إذا لم يكن
أهلا للبسه.
قال الشاعر:
بكى الخّز من عوف و أنكر جلده
و ضجّت ضجيجا من جذام المطارف
و لو قال قائل: إن التقديم و
التأخير فيما ذكرناه ليس من الضرورة، لم يكن عندي بعيدا؛ لأنها أشياء قد فهمت
معانيها، و ليست بأبعد من قولهم: أدخلت القلنسوة في رأسي، و الخاتم في إصبعي.
كما قال الشاعر:
ترى الثّور فيها مدخل الظّلّ رأسه
و سائره باد إلى الشّمس أجمع
و إنما يدخل الرأس في القلنسوة، و
الإصبع في الخاتم، و رأس الثور في الظل. قال اللّه تعالى: ما
إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ و إنما
العصبة تنوء بالمفاتيح.
و فيها قول آخر، و هو أنها على غير
التقديم و التأخير، و ذلك أن معنى قوله تعالى: