نام کتاب : شرح كتاب سيبويه نویسنده : السيرافي، ابو سعید جلد : 1 صفحه : 239
باب التقديم و التأخير
قال أبو سعيد: اعلم أن الشاعر قد
يضطر حتى يضع الكلام في غير موضعه الذي ينبغي أن يوضع فيه، فيزيله عن قصده الذي لا
يحسن في الكلام غيره، و يعكس الإعراب، فيجعل الفاعل مفعولا، و المفعول فاعلا، و
أكثر ذلك فيما لا يشكل معناه.
فمن ذلك قول الأخطل:
أمّا كليب بن يربوع فليس لها
عند المفاخر إيراد و لا صدر
مثل القنافذ هدّا جون قد بلغت
نجران أو بلغت سوآتهم هجر
أراد: بلغت نجران سوآتهم أو هجر، و
ذلك وجه الكلام؛ لأن السّوآت تنتقل من مكان فتبلغ مكانا آخر، و البلدان لا ينتقلن،
و إنّما يبلغن و لا يبلغن.
و قال النمر بن تولب:
فإنّ المنيّة من يخشها
فسوف تصادفه أينما
و إن أنت حاولت أسبابها
فلا تتهّيبك أن تقدما
أراد: فلا تتهيّبها؛ لأنّ المنيّة
لا تهاب أحدا. و قال آخر و هو ابن مقبل:
و لا تهيّبني الموماة أركبها
إذا تناوحت الأصداء بالسّحر
أراد: و لا أتهيّب الموماة. و قال
آخر:
كانت فريضة ما تقول كما
كان الزّناء فريضة الرّجم
و يروى: كما كان الزّناء يحدّ
بالرّجم. أراد: كما كان الرّجم فريضة الزّناء.
و ليس هذا من جعل المفعول فاعلا، و
لكنه حذف اسم كان و هو" فريضة"، و أقام مقامها ما كانت مضافة إليه، و
هو" الزّناء" و جعل فريضة الرجم هي خبر كان، و هو كلام على نظمه، و
تلخيصه: كما كان فريضة الزنا فريضة الرّجم؛ لأنّ الفريضة هي الواجبة و الذي يجب
بالزنا هو الرجم، فأضفت الفريضة إلى الزنا و إلى الرجم جميعا؛ لأنها من أجل الزنا
تجب، و الواجب هو الرّجم، فأضيف إلى الشيء و إلى سببه، و حذف من الأول و أقيم