نام کتاب : شرح كتاب سيبويه نویسنده : السيرافي، ابو سعید جلد : 1 صفحه : 191
و إذا كانت منصوبة، ففيها تلك الأوجه، و تجعل مكان الواو في
المرفوعة، ألفا فيها، كقول الأعشى:
استأثر اللّه بالوفاء و بال
حمد و ولي الملامة الرّجلا
و إنما جازت هذه الزيادة في الشعر
في القوافي؛ لأنهم يترنّمون بالشعر، و يحدون به، و يقع فيه تطريب، لا يتمّ إلا
بحروف المدّ، و أكثر ما يقع ذلك في الأواخر، و كان الإطلاق بسبب المدّ الواقع فيه
للترنّم.
و قد شبهوا مقاطع الكلام المسجّع،
و إن لم يكن موزونا وزن الشّعر بالشّعر في زيادة هذه الحروف، حتى جاء ذلك في أواخر
الآي من القرآن، كقوله تعالى: فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا وَ
تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا قَوارِيرَا. قَوارِيرَا و"
قوارير" لا ينصرف، و قد أثبت في الوقف منها ألفا؛ لأنها رأس آية. و هذا مذهب
أبي عمرو.
و بعضهم ينون الأول من"
قوارير" تشبيها بتنوين القوافي، على مذهب من ينشدها منوّنة.
و هذه الزيادة غير جائزة في حشو
الكلام، و إنما ذكرناها؛ لاختصاص الشّعر بها دون الكلام، و هي جيّدة مطّردة، و
ليست تخرجها جودتها عن ضرورة الشّعر؛ إذ كان جوازها بسبب الشّعر.
و من ذلك صرف ما لا ينصرف، و هو
جائز في كلّ الأسماء، مطرد فيها؛ لأنّ الأسماء أصلها الصّرف و دخول التنوين عليها،
و إنما تمتنع من الصرف، لعلل تدخلها، فإذا اضطر الشاعر ردّها إلى أصلها، و لم يحفل
بالعلل الدّاخلة عليها، و الدليل على ذلك: أن ما لا أصل له في التنوين لا يجوز
للشاعر تنوينه للضرورة، ألا ترى أن الشاعر غير جائز له تنوين الفعل؛ إذ كان أصله
غير التنوين، و ليس يردّه بتنوينه إلى حالة قد كانت له.
فمما جاء منوّنا مما لا ينصرف قول
النابغة:
فلتأتينك قصائد و ليركبن
جيش إليك قوادم الأكوار
[1] البيت في ديوانه ص 155، و الخزانة 4/ 384، و اللسان (أثر).