نام کتاب : شرح كتاب سيبويه نویسنده : السيرافي، ابو سعید جلد : 1 صفحه : 180
قال الشاعر في الوجه الأول:
و إنّا لممّا نضرب الكبش ضربة
على وجهه تلقي اللّسان من الفم
و قال آخر في المعنى الثاني:
ألا غنّنا بالزّاهريّة إنّني
على النّأي ممّا أن ألمّ بها ذكرا
أي من الأمر أن ألم بها ذكرا، أي
من أمري إلمامي بها.
قال سيبويه:" فمما حذف و
أصله في الكلام غير ذلك:" لم يك" و" لا أدر"، و أشباه
ذلك".
قال أبو سعيد: أما قوله" لم
يك" فأصله" لم يكن"؛ لأن الأصل فيه قبل دخول" لم" أن
يقال:" يكون" فدخلت عليها" لم" فسكنت النون لدخول الجزم، و
التقى ساكنان الواو و النون، فسقطت الواو لالتقاء الساكنين، و كثر في كلامهم هذا
الحرف، لأنه عبارة عن كل ما كان و يكون، و النون تشبه- إذا كانت ساكنة- حروف المدّ
و اللّين؛ لأنها غنّة في الخيشوم. و قد ذكرنا شبهها بحروف المدّ و اللّين فيما
تقدم، فشبّهوها في هذا الموضع و قد دخل عليها الجازم بقولهم:" لم يغز"
و" لم يرم" فإذا لقيها ألف و لام، أو ألف وصل، لم يكن فيها إلا الإثبات
و التحريك، كقولهم:" لم يكن الرّجل عندنا" قال للّه عز و جل:
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ و إنما
لم يحذفوها إذا لقيها ساكن من قبل أنها إذا تحرّكت لالتقاء السّاكنين، زال عنها
شبه حروف المدّ و اللّين، و يكون مخرجها من الفم لا من الأنف، فأقرّت على ما ينبغي
لها.
فإن قال قائل: فينبغي أن يقال على
قياس" لم يك":" لم يص" و" لم يه" في" لم
يصن" و" لم يهن"، قيل له: قد بيّنا أن القياس في" لم
يكن" إثبات النون، و إنما شبّهوا النون بحروف المدّ و اللّين، لما كثر في
كلامهم هذا الحرف، و طلبوا خفّة اللفظ به، فالذي أوجب الحذف اجتماع معنيين: أحدهما
شبه النّون بحروف المدّ و اللين، و الآخر كثرته في الكلام. و إذا انفرد أحدهما لم
يجب الحذف، و لهذا نظائر: منها: أنّا نقول:" من الرّجل"