responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح كتاب سيبويه نویسنده : السيرافي، ابو سعید    جلد : 1  صفحه : 178

الكلمتين، و جعل هذا دليلا على اختلاف الإعرابين، لاختلاف المعنيين و دليلا على اختلاف الإعرابين و المعنى واحد، و اتفاق الإعرابين و المعنى واحد، و اتفاق الإعرابين و المعنى مختلف، و هذا يذكر عن أبي العباس المبرّد، و كان ينكر الوجه الآخر، و هو أن يقول القائل: إن سيبويه أراد اختلاف الحركتين فقط، و يقول: لم يذهب إليه سيبويه.

قال أبو سعيد: و الذي عندي في ذلك أن الذي قصده سيبويه على ما يتوجه القول في صحته- و اللّه أعلم- أنه أراد الإبانة عن هذا المعنى بعينه، لا أنه جعله دليلا على شي‌ء سواء، و ذلك أن في الناس من يزعم أنه لا يجي‌ء لفظان مختلفان إلا و معناهما مختلف، علمناه أو جهلناه، و هو قول جماعة من النحويين، و يحكي هذا عن ثعلب عن ابن الأعرابي، و إليه كان يذهب ثعلب فيما حكى لي، و عاب قوم من الناس اتفاق اللفظين و اختلاف المعنيين، و قالوا: هذا يوقع اللبس، فأراد سيبويه إبانة مذهب العرب، و جعلهم اللفظين مختلفين لمعنى واحد، و اللفظين متفقين للمعنيين المختلفين.

فإن قال قائل: لم قلتم إنّ اللفظين قد يجوز أن يختلفا، و يكون معناهما واحدا؟

فإن الجواب في ذلك: إنا رأينا العرب، ربما يتكلم القبيل منهم بلفظ ما لمعنى بعينه، و يتكلم غيرهم بلفظ سواه، لذلك المعنى بعينه، كقول بني تميم:" ثلاث عشرة" و قول أهل الحجاز" ثلاث عشرة"، و كقول بعضهم للطلع" طلع" و بعضهم يقول للطلع بعينه" إغريض"، و أهل المدنية يقولون للزّئبق" زاووق" و غيرهم يقول:" زئبق" لذلك المعنى بعينه، فيما لا يحصى كثرة.

و رأينا العرب بعضهم يأخذ عن بعض، على حسب المخالطة لهم، و الإلف لكلامهم، كمثل ما نعرفه من أنفسنا أنّا نتكلّم بلغة من اللغات في وقت، ثم ندعها و نألف غيرها، حتى يكون أكثر كلامنا بغيرها، إمّا أن يكون غيرها أخفّ منها لفظا، و إمّا أن نسمع قوما يتكلمون بها فنألفها على طول السّماع لها.

و ليس تخرج اللغة الثانية اللغة الأولى أن تكون في معناها، فكذلك العربية، و مثل ذلك أن أهل العراق يسمّون البرّ" برّا" و أهل مكة يسمونها" حنطة" و أهل مصر يسمونها" القمح"، فلو أن عراقيّا أتى مكة فتكلم" بحنطة" ليفهموا عنه، فألفها، أو كلّم أهل مصر على لغتهم" بقمح" ثم ألف ذلك و اعتاده، ما كان يتغيّر" البرّ" عنده عما كان، و لو أن قمحا حمل من مصر إلى مكة، لسمّوه بعينه حنطة، و هذا أبين من أن يطال فيه الكلام.

نام کتاب : شرح كتاب سيبويه نویسنده : السيرافي، ابو سعید    جلد : 1  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست