فإن قال قائل: فلم لم يلزموا الفعل علامة للتثنية و الجمع كما ألزموا
الفاعل علامة التأنيث؟.
قيل له: الفصل بينهما[1]أن التثنية ليست بلازمة في جميع
الأحوال فلم تلزم/ علامتها كما تلزم هي في نفسها.
فأما التأنيث فلازم في الاسم لا يفارقه فلهذا ألزمت علامة التأنيث
الفعل.
فإن قال قائل: فلم زعمتم أن الفعل لا يثنى و لا يجمع؟.
قيل له: في ذلك وجوه: أحدها: أن لو جازت تثنيته مع الاسمين لجاز
تثينته مع الواحد، لأن الواحد يفعل من الجنس الواحد من الأفعال ما يفعله الاثنان و
الثلاثة، و لو كان ذلك شائعا لوجد في كلامهم جمع الفعل مع الاسم الواحد فكان يقال:
زيد قاموا، فلما خلا ذلك من كلامهم علمنا [أنه][2]لا يثنى و
لا يجمع و ما لحقه من علامة التثنية و الجمع إنما هو على ما شرحناه.
و وجه آخر: أن الفعل يدل على مصدر و ليس هو في نفسه بذات يقصد إليها
حتى يضم إليها مثلها، كما يجب ذلك في الأسماء، فلذلك لم يثن و لا يجمع.
و وجه ثالث و هو أن الفعل [يدل][3]على مصدره، و المصدر لا يثنى و لا
يجمع؛ لأنه اسم للجنس يقع على الواحد فما فوقه كقولك: ضرب، و أكل، و شرب.
إلا أن يختلف فحينئذ يجوز جمعه كقولك: ضربت ضروبا، إذا كان ضربا
مختلفا، فلما كان الفعل إنما دلّ على مصدر واحد، و الواحد من المصادر جنس واحد
بينا أنه لا يثنى على هذا الوجه فكذلك لا يثنى ما يدل عليه.
[1]انظر شرح ابن عقيل 2/ 80 الحاشية رقم
[2] ،
حيث فرق المحقق بين العلامتين.