قيل له: لما وجب ل (لم) عمل للفعل بما ذكرناه، فلو ألزموه الماضي لما
بان عمله[1]، فوجب أن ينقل لفظ الماضي إلى لفظ المستقبل حتى يتبين الجزم.
فإن قيل: أ ليس أصل حروف الشرط أن يليها المستقبل كقولك: إن تضرب
أضرب، ثم جوزوا أن يليها الماضي فهلّا استقام مثل هذا في (لم) و أوقعتم من بعدها
الماضي و المستقبل جميعا؟.
قيل له: الفصل بينهما أن أصل حروف الجزاء أن يليها المستقبل لأن
الجزاء إنما يكون في المستقبل، و الفعل المضارع أثقل من الماضي إذ كان [الماضي][2]أخف منه.
و أما (لم) فالأصل أن يليها الماضي، و قد أوجبت العلّة إسقاط الأصل و
استعمال الثقيل أعني المضارع فلم يجز أن يرجع إليه؛ لأنهم لو استعملوا الأصل الذي
هو الخفيف وقع الجازم على غير ما بني له، و المعنى لا يشاكل[3]المضارع فوجب إسقاط الأصل و أساؤوا[4]استعمال
المضارع في موضعه فلذلك افترقا فاعرفه.
و اعلم أن الأمثلة التي تعلم[5]نحو: يفعلان، و تفعلان، و يفعلون،
و تفعلون، و أنت تفعلين، فإنما وجب أن يكون إعرابها بالنون
و اجعل لنحو( يفعلان) النّونا
رفعا، و تدعين و
تسألونا
و حذفها للجزم و النّصب سمه
كلم تكوني لترومي
مظلمه
[6]، لأن هذه الأفعال لما لحقتها ضمائر
الفاعلين/ و كان الفعل و الفاعل كالشيء الواحد وجب أن يظهر الضمير معها كبعض
حروفها.