لأن قولك: ضرب ثلاثة أحرف، فإذا قلت: يضرب فقد زدت عليه حرفا، فما لا
زيادة فيه قبل ما فيه الزيادة.
فإن قال قائل: فلم جعلتم للمستقبل و الحال عبارة واحدة تدل عليهما و
لم تشركوا بين الماضي و الحال بعبارة واحدة[1]؟
ففي ذلك جوابان:
أحدهما: أن المستقبل قد حصل مضارعا للأسماء دون الماضي، و وجدنا
الأسماء قد تستعمل اللفظة الواحدة منها لأشياء مختلفة، ألا ترى أنهم قالوا: العين،
لعين الإنسان، و لعين الماء، و لعين الميزان، و لحقيقة الشيء، و للطليعة، و غير
ذلك، فكذلك أيضا جعلوا عبارة واحدة تدل على معنيين في الأفعال المضارعة كما جعلوا
ذلك في الأسماء. و أما الماضي فإنه لم يجب له هذا الحكم.
و الوجه الثاني: أن الحال لما كان وقته قصيرا لم يستحق لفظا يخص به
لقصر مدته فجعل تبعا في العبارة للزمان المستقبل لاشتراكهما في تقدمهما للماضي،
فلهذا وجب أن ترتب الأفعال على الأزمنة/ الثلاثة و قد بيّنا حكم الأفعال في
الإعراب و البناء فلهذا لم نعده[2]
فإن قال قائل: فلم خص الفعل المضارع بهذه الزوائد من بين سائر
الحروف؟
فالجواب في ذلك أنّا قد بينا أن أول ما تزاد حروف المد، إلا أن الواو
لم يجز
[1]عقد الزجّاجي بابا عن فعل الحال و حقيقته قال
فيه: (... ففعل الحال في الحقيقة مستقبل، لأنه يكون أولا أولا فكل جزء خرج منه إلى
الوجود صار في حيز المضيّ فلهذه العلّة جاء فعل الحال بلفظ المستقبل نحو قولك: زيد
يقوم الآن، و يقوم غدا ... فإن أردت أن تخلصه للاستقبال أدخلت عليه السين أو سوف
...) و الوجه الأول الذي ذكره الورّاق إجابة عن السؤال، هو ما أجاب به الزجّاجي
تماما حتى إن الاستشهاد بالعين مثلا ورد عند الاثنين. انظر الإيضاح 87- 88.
و انظر المساعد على تسهيل الفوائد و فيه يبيّن ابن عقيل أن صلاحية
الحال للاستقبال هو مذهب الجمهور 1/ 12.