التنوين ألفا في حال النصب، و قبح البدل من التنوين ياء في حال الجر،
لثقل الياء و خفّة الألف، فكذلك ها هنا قبح رد الياء في قاض لثقلها، و حسن ردّ
الألف في المقصور لخفتها.
فإن قال قائل: ما الدليل على أن الأزمان ثلاثة حتى رتبتم الأفعال؟
قيل له: الدليل على ذلك أن الشيء قد تقع العدة به فيكون متوقعا و
هذا لزمان الاستقبال، فإذا وجد فهذا الزمان هو زمان الحال، فإذا مضى عليه وقتان أو
أكثر[1]صار
ماضيا، فقد حصلت لنا بما ذكرناه أزمان ثلاثة[2]
ففيه جوابات: أحدها: أن يكون زمان الحال هو السابق، لأن الشيء أقوى
أحواله حال وجوده، فيجب أن يكون وجوده أولى، ثم تقع العدة به فيكون متوقعا، ثم
يوجد الموعود و يقضى فيصير ماضيا. و ذلك أن الأزمنة إنما احتجنا إليها لأمر
الموجودات، و الأمر فيما بيناه، فلهذا[4]وجب ترتيبها على ما ذكرناه.
و الجواب الثاني: أن المستقبل قبل الحال و الماضي، لأنه بعد أن يقع
بما ليس بموجود[5]ثم
يصير موجودا ثم يمضي، فقد بان بما ذكرناه أن الماضي من الزمان بعد المستقبل و
الحال، و المستقبل يجوز أن يكون بعد الحال و يجوز أن يكون الحال بعد المستقبل.
و الوجه الثالث: و هو أقوى عندنا، فإنما من جهة اللفظ فالماضي قبل
المستقبل
[2]قال في ذلك سيبويه:" و أما الفعل فأمثلة
أخذت من لفظ أحداث الأسماء، و بنيت لما مضى، و لما يكون و لم يقع، و ما هو كائن لم
ينقطع". الكتاب 1/ 12 (هارون).
[3]ذكر لك الزجّاجي في الإيضاح 85 و أيّد الوجه
الثاني.