و اللّه ما قام زيد، و اللّه ما زيد منطلقا، و (لا) تدخل على الفعل
المضارع و تخلصه للاستقبال/ و إنما أدخلوها على الماضي و هم يريدون الاستقبال
كقولك: و اللّه لا فعلت[1]أبدا و (لا) تدخل على الاسم و إنما
احتيج إلى ما ذكرنا لأن الإيجاب و النفي قد يقعان[2]بالأسماء و الأفعال.
فإن قال قائل: فهلّا اكتفي ب (ما) وحدها[3]إذ
كانت تقع على الفعل و الاسم أو[4]ب (اللام) وحدها إذ كانت تقع على
الاسم و الفعل أيضا؟
قيل له: لأن (لا) جعلت لنفي الفعل المستقبل المحض و (ما) تنفي الفعل
الماضي، و يقع الفعل المستقبل فيصلح لزمانين للحال و الاستقبال، فلما لم تصلح (ما)
لنفي الاستقبال احتاجوا إلى حرف يختص بذلك فجاؤوا ب (لا)، فلما ثبت للنفي حرفان
جاؤوا ايضا للإيجاب بحرفين، أحدهما يخلص الاسم و هو أن يعادلوا بذلك حكم (لا) و لو
قيل: إنهم فعلوا ذلك اتساعا لئلا يضيق عليهم كان وجها.
و اعلم أن النون إنما ألزمت اللام لأن الفعل المضارع يصلح لزمانين
فلو أسقطت النون و قلت: و اللّه لا يقوم زيد، لم يعلم أنك تقسم على الحال أو[5]الاستقبال
فجعلوا النون تخص الفعل المضارع بالاستقبال كما تخصه بالسين و سوف و إنما كانت
النون أولى بذلك لأنها تدخل زائدة مؤكدة و لكل فعل غير واجب نحو الأمر و النهي و
النفي و الاستفهام و ما أشبه ذلك كقولك: أضربن زيدا، و لا تقتلنّ عمرا، و هل
تأتينّ خالدا، أو ما تكرمنّ عمرا، فلما كانت هذه
[1]في الأصل كلمة لم أتبينها و قد أثبت ما يناسب
المعنى.