لأن الدلالة قد قامت على الحروف كلها أنها أصول في سفرجل من غير
شبهة، فلذلك لم يجز إلا حذف الأواخر و فارقت الأسماء[1]الأعجمية لجواز الشك في الأعجمية[2]فيها إن
شاء اللّه عز و جل.
باب حروف القسم التي يجر بها
اعلم أن الغرض في القسم تأكيد[3]الخبر و ذلك إذا قلت: و اللّه
لأقومن، إنما زيدت النون توكيدا لخبرك بوقوع القيام ليزول الشك عن المخاطب، و إنما
جعل جواب القسم ينقسم قسمين نفيا و إثباتا، لأن الإخبار على ضربين: أحدهما:
إيجاب، و الآخر: نفي، و هما اللذان يقع عليهما القسم، فلذلك جعل جواب
القسم على ضربين.
و اعلم أن المقسم به لا يتعلق بالمقسم عليه إلا بتوسط حرف إيجاب أو
حرف نفي، و إنما لا يتعلق به إلا بما ذكرنا، لأن قول القائل:" و اللّه"
معناه: أحلف باللّه، و لا يتعلق بالمقسم عليه إلا بتوسط حرف و هذا الكلام تام، فلو
جئت بعده بقولك: زيد في الدار، فقولك: (زيد في الدار) كلام أيضا تام و كل كلام
قائم بنفسه فليس يجوز أن يتعلق به من غير شيء يعلقه به إذ كان مستغنيا بنفسه،
فجعلوا أمارة تعلق أحدهما بالآخر توسط النفي و الإيجاب، و جعلوا النفي (ما) و (لا)
و الإيجاب (إن) و (اللام) و إنما احتيج لكل واحد من الإيجاب و النفي حرفان ليكون
أحد الحرفين يختص بالاسم و (ما)[4]تدخل على الاسم و الفعل كقولك:
[2]غلّط الفارسي سيبويه في تصغيره إبراهيم على:
بريهيم، لقوله إن الزيادة لا تلحق بنات الأربعة من أولها، لحكمه بأن الهمزة في
إبراهيم زائدة لحذفه إياها في التصغير. انظر كتاب التعليقة على كتاب سيبويه 4/
278- 279.