الثاني فلما كان قلب الواو ياء واجبا في حال العوض، و كان العوض في
كلامهم أكثر ألزموا الواو القلب فانقلبت إذ لم يعوضوا لئلا يختلف طرفاهما في
التصغير، و إن حذفت الواو قلت: قليسنة، و إذا كانت الزائدتان للإلحاق نحو: حبنطى[1]لأنه ملحق
بسفرجل و الدليل على زيادة الألف و النون أنه مأخوذ من حبط بطنه إذا انتفخ فإذا
صغرته قلت: حبيطى، فحذفت النون و قلبت الألف لانكسار ما قبلها، و إن حذفت الألف
قلت: حبينط.
فأما مقعنسس[2]فالاختيار عند سيبويه حذف أحد
السينين مع النون فيصير مقيعس[3]و أما أبو العباس المبرد فيختار
حذف الميم و النون فيصير تصغيره قعيسس، و إنما اختار أبو العباس بقاء السين
للإلحاق و الميم و النون زوائد لغير الإلحاق، و الملحق بمنزلة الأصلي، فلما كان
بقاء الأصلي أولى من الزائد اختار بقاء السين[4]، و أما حجة سيبويه فإن السين و إن
كانت للإلحاق فهي زائدة، و الميم و إن كانت زائدة لغير الإلحاق فلها معنى، و هو
لزومها لأسماء الفاعلين و المفعولين فصار المعنى مقاوما للإلحاق ثم حصل للميم قوة
من وجهين/:
أحدهما: أنها في أول الكلمة و السين في آخرها؛ و الأواخر بالحذف أولى
من الأوائل.
و الثاني: أن التكرار يثقل عليهم فكان حذف السين أولى لاجتماع
التكرير فيها و أنها طرف.
[2]المقعنسس: الشديد، تصغيره مقيعس، أو مقيعيس،
أو قعيس. القاموس (قعس).
[3]قال سيبويه:" و إذا حقرت مقعنسس حذفت
النون و إحدى السينين، لأنك كنت فاعلا ذلك لو كسّرته للجمع. فإن شئت قلت: مقيعس، و
إن شئت قلت: مقيعيس ..." الكتاب 3/ 429 (هارون).
[4]قال المبرد:" لو كان سيبويه يقول في
تصغير (مقعنسس): مقيعس، و مقيعيس، و ليس القياس عندي ما قال. لأن السين في مقعنسس
ملحقة، و الملحق كالأصلي. و الميم غير ملحقة، فالقياس: قعيس، و قعيسيس، حتى يكون
مثل: حريجم، و حريجيم". المقتضب 2/ 253- 254.