الأسماء دون الأفعال، و الدلالة على ذلك أن الأسماء لو لم تعرب لأشكل
معناها، ألا ترى أنك لو قلت: ما أحسن زيد، لكنت ذاما له، و لو قلت: ما أحسن زيد؟
لكنت مستفهما عن أبعاضه أيها أحسن، و لو قلت: ما أحسن زيدا! لكنت
متعجبا، فلو أسقط الإعراب في هذه الوجوه لاختلطت هذه المعاني، فوجب أن تعرب
الأسماء ليزول الإشكال[1].
و أما الأفعال فإنها لو لم تعرب لم يشكل معناها لأنها بنيت لأزمنة
مخصوصة، فإعرابها و تركها لا يخلّ بمعناها، و الإعراب زيادة، و من شرط الحكيم ألا
يزيد لغير فائدة، فكان حق الأفعال كلها أن تكون سواكن، إلا أن الفعل الذي في أوله
الزوائد الأربع[2]أشبه
الاسم من أربع جهات[3]:
أحدها: أن يكون صفة، كما يكون الاسم كقوله: مررت برجل يضرب، كما
نقول: مررت برجل ضارب.
و الثاني: أنه يصلح لزمانين أحدهما الحال و الآخر الاستقبال، ثمّ
تدخل السين و سوف فتهيئه إلى الاستقبال، كما أن قولك: ضارب لا يدل على شخص بعينه
كما اختص الفعل بزمان بعينه.
و الثالث: أن اللام التي تدخل في خبر إنّ، تدخل على الاسم و على هذا
الفعل كقولك: إن زيدا لقائم، و إن زيدا ليقوم، و يقبح دخولها على الماضي نحو: إن
[1]قال ابن فارس:" من العلوم الجليلة التي
خصت بها العرب؛ الإعراب الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ، و به يعرف
الخبر الذي هو أصل الكلام، و لولاه ما ميز فاعل من مفعول، و لا مضاف من منعوت، و
لا تعجب من استفهام ...". الصاحبي: باب ذكر ما اختصت به العرب 42.
و هذا الرأي السابق هو رأي جميع النحاة إلا قطربا، انظر الإيضاح
69.
[2]يعني الفعل المضارع الذي يبدأ بواحد من حروف
(أنيت).
[3]انظر شرح الأشموني: (" و أعربوا
مضارعا" بطريق الحمل على الاسم؛ لمشابهته إياه: في الإبهام و التخصيص و قبول
لام الابتداء، و الجريان على لفظ اسم الفاعل: في الحركات و السكنات، و عدد الحروف
و تعيين الحروف الأصول و الزوائد ...) 1/ 23.