و أما الحرف[1]فحده ما دلّ على معنى في غيره نحو
قولك: أخذت درهما من مال زيد، ف (من) تدخل للتبعيض للمال، و البعض هو الدرهم من
المال. و إن شئت اعتبرته بامتناع حد الاسم و الفعل منه أو بامتناع خواصهما منه[2].
و أما إدخال الهاء في (العربية)[3]، فلأن المراد بالعربية اللغة
العربية، و (اللغة) مؤنثة فدخلت الهاء على المراد.
[باب
مجاري أواخر الكلم]
و إنما قسمت العربية على أربعة أضرب[4]، لأن أصل الإعراب هو إلابانة، و
الإعراب إنما يدخل في الكلام للإبانة عن المعاني[5]و كأنا أردنا أن تنقسم العربية من
حيث كانت مبنية عليه لا من حيث تصاريفها، و إذا كان كذلك فالإعراب إنما هو بحركة
أو سكون، و الحركة إنما تكون ضمة أو فتحة أو كسرة، لا يمكن أن توجد حركة مخالفة
لهذه الثلاثة، و السكون الرابع فلهذا انقسمت أربعة أقسام.
فإن قال قائل: فلم صار الرفع و النصب يدخلان على الأسماء و الأفعال،
و اختص الجر بالأسماء و الجزم بالأفعال[6]؟ قيل: لأن أصل الإعراب إنما هو في
- بالضمير، أو بتاء التأنيث. انظر الأشباه و النظائر 2/ 22 (مطبوعات
مجمع اللغة العربية بدمشق) و قد ذكر هنا خواص عامة و ليست لنوع واحد من الأفعال
كالماضي أو المضارع الذي يختص بالسين.
[1]يريد هنا بالحرف: حروف المعاني أو الأدوات. و
قد فصّل السيوطي الحديث عنها من خلال آراء النحاة فيها، انظر الأشباه باب الحروف،
2/ 26 (مطبوعات المجمع).
[2]كأنه هنا يعتمد على ما قاله الزجاجي. انظر الإيضاح
54- 55.
[3]قال سيبويه: هذا باب علم ما الكلم من
العربية. الكتاب 1/ 12 (هارون).
و هذه هي كلمة العربية التي يتحدث عنها.
[4]قال سيبويه في باب علم مجاري أواخر الكلم من
العربية:" إنها تجري على ثمانية مجار، و هذه المجاري الثمانية لجمعهن في
اللفظ أربعة أضرب". الكتاب 1/ 13 (هارون).
[5]انظر شرح هذا التعريف في الخصائص باب القول
على الإعراب 1/ 35 (دار الكتب المصرية)، و هو تعريف الزجاجي للإعراب، الإيضاح 69.
[6]عقد الزجّاجي بابين عن علّة امتناع الأسماء
من الجزم، و عله امتناع الأفعال من الخفض. الإيضاح 102- 120.