و الآخر سوف، و الثالث قد، و الرابع لا، كقولك: قد علمت أن ستقوم كما
قال اللّه عز و جل: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى
[المزمل: 73/ 20]، و كذلك علمت أن سوف تقوم، و علمت أن قد قمت، و هذه الأعراض
الثلاثة متى دخلت بعد (أن) لم تكن إلا مخففة من الثقيلة و أما (لا) فقد تقع عوضا و
غير عوض، فإذا كانت عوضا ارتفع الفعل بعدها لأنها في موضع خبر (أن) و إذا لم تكن
عوضا و كانت (ان) خفيفة انتصب الفعل بعدها كقوله عز و جل:
وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ
فِتْنَةٌ [المائدة: 5/ 71]، و قرئ بالرفع، فمن رفع جعل (أن) مخففة من الثقيلة
و أضمر اسمها و جعل لا عوضا فارتفع الفعل لأنه في موضع خبر (أن). و من نصب جعل
(ان) خفيفة نفسها و لم يجعل لا عوضا فعملت (أن) في الفعل فنصب بها.
و هذا القسم الثاني/ من الأفعال
يجوز أن يقع بعده المشددة و المخففة، و إنما جاز فيه و جهان لأنه متوسط بين العلم
و الخوف، فإذا غلب أحد طرفيه و هو العلم صار بمنزلة لو شددت (أن) بعده و إذا غلب
الطرف الثاني و هو الرجاء أو الخوف لم يجز أن يقع بعده إلا (أن) الخفيفة نفسها
الناصبة للأفعال لأن باب الرجاء و الخوف ليس بأمر مستو، و المشددة إنما تدخل
لتحقيق الكلام فجاز أن تدخل بعد العلم و ما جرى مجراه لأنه شيء ثابت فتحققه ب
(أن) و أما الرجاء و الخوف، فلما لم يكن شيئا ثابتا استحال تحقيقه، فلذلك لم يجز
أن تدخل بعده المشددة إلا على ضرب من التأويل و حمله على باب الظن إذ كان قد أجري
مجرى العلم لما ذكرناه و كذلك يجوز أن نجري الحروف مجرى الظن لما بينهما من
المشابهة.
[1] و قد قرأها أبو عمرو و حمزة و الكسائي و يعقوب و خلف (ألا
تكون) بالرفع، المبسوط في القراءات العشر 187، و تقديرهم لذلك أي أنه لا تكون
فتنة، و قرأ الباقون: (ألا تكون) بالنصب، حجة القراءات 233.