و يبقى حكم (إن) على العمل كقولك: لم يكن زيد منطلقا، و من أبطل
عملها فإنه شبهها بالفعل من جهة اللفظ دون المعنى، فلما زال لفظها سقط شبهها
بالفعل فوجب أن يبطل عملها، و حكم المفتوحة المشددة في التخفيف و التثقيل و جواز
العمل إلا في خصلة واحدة و هي أن (إن) المكسورة إذا خففت ارتفع ما بعدها
بالابتداء و الخبر، و (أنّ) المفتوحة المشددة إذا خففت أضمر فيها اسمها كقولك: قد
علمت أن زيد قائم، تقديره: أنه زيد قائم، فالهاء المضمرة اسم (أن)، و إنما وجب ذلك
في (أن) المفتوحة و لم يجب ذلك في المكسورة؛ لأن المفتوحة قد قلنا: إنها و ما
بعدها اسم فلا تخلو من عامل يعمل فيها فلم يجز إلغاء حكمها، فلذلك وجب أن يضمر
اسمها لثبات حكمها في الكلام، و أما المكسورة فهي تقع في صدر الكلام فإذا ارتفع ما
بعدها لم يكن بنا ضرورة إلى تقدير اسم فيها؛ لأنه يمكن أن تقدرها حرفا غير عامل من
الحروف غير العوامل نحو (هل) و (بل) و ما أشبهه.
و اعلم أن أفعال القلوب تنقسم ثلاثة
أقسام أحدها: يقين، نحو: عرفت و علمت، و الثاني: شك و رجاء نحو: رجوت و خفت، و
الثالث متوسط بين اليقين و الشك و هو الظن و الحسبان.
و أما علمت و نحوها فلا يجوز أن
تقع بعدها (إن) المخففة من الثقلية و يجوز أن تقع بعدها (أن) المفتوحة الخفيفة من
الثقيلة مشددة و غير مشددة نحو: قد علمت أنك تقوم فإذا خففتها و بعدها الفعل أضمرت
الاسم على ما ذكرنا و عوضت من التخفيف إذا كان بعدها الفعل أحد أربعة أشياء: أحدها
السين،