فإن قال قائل: فلم زعمتم أن (أن) ليست باسم و أنها مع ما بعدها اسم و
خالفت حكم (الذي) بالفصل بينهما؟
قيل له: إن (أن) لو كانت في نفسها
اسما لم يجز أن تخلو صلتها من ضمير يرجع إليها كما أن الذي لما كان اسما في نفسه
لم يجز أن يوصل بجملة إلا و فيها ذكر يرجع إليه ألا ترى أنك تقول: قد علمت أنك
تقوم، و لا يجوز علمت الذي أنت تقوم، حتى تقول إليه فلذلك افترقا.
و اعلم أن (إن) التي تزاد بعد (ما)
إنما زيدت بعد (ما) لتلغي معها (ما) فلا تعمل أعني (ما) في لغة أهل الحجاز و إنما
وجب إبطال عملها عند دخول (إن) عليها كما وجب إبطال عمل (إن) إذا دخلت (ما) عليها
و قد بينا ذلك فيما مضى و يجوز أن يكون زادوها بعد (ما) لتوكيد معنى النفي إذ
كانت (إن) قد تستعمل للنفي.
و اعلم أن (إن) التي بمعنى (ما)
مختلف فيها فبعض النحويين يعملها عمل (ما) في لغة أهل الحجاز كقوله: إن زيد قائما،
و بعضهم لا يعملها فمن أعملها فلمشاركتها (ما) في المعنى، و إنما عملت عمل (ليس)
من جهة النفي لا من جهة اللفظ فلما شاركت (إن) ل (ما) في المعنى وجب أن يستوي
حكمها و لم يجز ذلك فحجته أن القياس في (ما) لا تعمل شيئا فإذا خالفت العرب جهة
القياس فليس لنا أن نتعدى ذلك لأن القياس لا يوجبه الأصل، و الأصل أن يكون ما
بعدها مبتدأ و خبرا، فلذلك لم تعمل.
و اعلم أن (أن) المفتوحة تقع
بمنزلة (أي) التي تستعمل على طريق العبارة و الحكاية، و يجب أن يكون ما بعدها
كلاما تاما و الذي بعدها عبارة عنه، فإن لم