اعلم أن الأصل ألا توصف المعارف
لأنها وضعت في أول أحوالها تدل على شخص بعينه لا يشاركه فيه غيره و ذلك أنهم سموا
الشخص زيدا، على تقدير أنه ليس في العالم بمسمى زيد سواه ثم التسمية للآخر على هذه
النية، فلما كانت الأشخاص أكثر من الأسماء اشترك في الاسم الواحد جماعة، فإذا قال
القائل:
جاءني زيد، فخاف ألا يعرف المخاطب
زيدا الذي يعنيه لاشتراك جماعة فيه بيّنه بالنعت فصارت/ نعوت المعارف دواخل عليها
إذ أشبهت النكرة من هذا الوجه.
و أما النكرة فالأصل فيها أن تنعت؛
لأن الغرض في النعت تخصيص المنعوت، فلما كانت النكرات مجهولة احتاجت إلى التخصص، و
إنما صار الاسم العلم معرفة؛ لأنه وضع دلالة على شخص واحد بعينه من بين سائر أمته
فلهذا صار معرفة.
و أما ما فيه الألف و اللام فإنّما
يذكر لمعهود قد عرفه المخاطب فيذكره بدخولهما هذا الشخص الذي قد عهده، فلما كانت
تدل على شخص بعينه صار الاسم بها معرفة.
و أما المضمر فإنما صار معرفة لأنك
لا تضمر الاسم حتى تعرفه فصار المضمر يدل على شخص بعينه
و أما المبهم فإنما صار معرفة
بالإشارة التي فيه فصارت الإشارة إذ كان يقصد بها شخص بعينه تجري مجرى ما فيه
الألف و اللام، و أما النكرة فحدها أن يكون الاسم واقعا على اثنين فصاعدا يشتركان
في التسمية، ألا ترى أن قولهم: رجل، يدل على من كان له بنية مخصوصة بهذا الاسم، و
ليس كذلك الأسماء الأعلام