عور أصله في الاستعمال: اعورّ، و كذلك حول/ أصله: احولّ، و ما زاد
على الثلاثي من الأفعال في باب الاستعمال لم يجز أن يبنى منها فعل التعجب؛ لأن ذلك
يؤدي إلى إسقاط الزوائد منه حتى يرجع إلى ثلاثة أحرف، ثم تدخل عليه همزة التعدي و
إسقاط الزوائد منه يبطل معناه، فلهذا لم يجز أن يبنى من الألوان[1]فعل
التعجب و لا مما زاد على ثلاثة أحرف من الأفعال، و إن كان زائدا[2]إلا أن
تكون الزوائد لو حذفت لم يخل بالمعنى فقولك: ما أفقر زيدا، و إن كان المستعمل
افتقر زيد، لأنك رددت افتقر إلى فقر، فكان اللفظ لا يغير من معنى الكلمة فلهذا
جاز، و كذلك تقول: ما أعطاه للدرهم و أولاه بالجميل، لأنك رددت أولى و أعطى إلى
أصلهما ثم نقلتهما بالهمزة فأصلهما واحد، فلهذا جاز نقل أعطى و أولى[3].
فإن قال قائل: فمن أين زعمتم أن الأصل في عور اعورّ و ما تنكرون أن
أصله عور لا اعورّ؟
قيل الدليل على ما ذكرناه من وجهين:
أحدهما: أنه قد اطرد في هذه الألوان و الخلق أن يجيء على أفعل
كقولك:
أصفر و أخضر و لا يجيء على فعل نحوه[4]. فدل امتناع فعل التعجب من جميعها
أنه مرفوع في الاستعمال فإن الأصل في الاستعمال الفعل المطرد في جميع الباب.
[3]قال سيبويه في باب ما لا يجوز فيه ما
أفعله:" و ذلك ما كان أفعل و كان لونا أو خلقة ألا ترى أنك لا تقول:
ما أحمره و لا ما أبيضه، و لا تقول في الأعرج: ما أعرجه ... إنما
تقول: ما أشد حمرته ... و ما لم يكن فيه ما أفعله لم يكن فيه أفعل به رجلا، و لا
هو أفعل منه لأنك تريد أن ترفعه من غاية دونه ..." و للتفصيل انظر: الكتاب 2/
250- 251 (بولاق)، و شرح المفصل 7/ 144- 146.