علامة التأنيث؟ فالفصل بينهما أن التأنيث لازم للاسم؛ لأنه معنى لا
ينفك منه المؤنث فوجب أن تلزم علامته، و أما التثنية و الجمع فليست بلازمة؛ لأن ما
يثنى و يجمع يجوز عليه الإفراد فلهذا لم تلزم علامتهما كما تلزم في الاسم فاعرفه.
و اعلم أن الواو التي تكون علامة للجمع هي حرف و ليست باسم، و التي
هي ضمير أسماء الفاعلين هي اسم لا حرف، و إنما وجب أن تكون الأولى حرفا لأنها دخلت
علامة كما تدخل تاء التأنيث علامة، و العلامة حقها أن تكون بالحروف لا بالأسماء
فلهذا افترقا.
فإن قال قائل: ما الدليل على أن لفظ التثنية و الجمع اللاحقين للفعل
هما علامة على ما ذكرتم و ليستا بتثنية الفعل و لا جمعه؟
فالجواب في ذلك أن الأفعال لا تصح تثنيتها و لا جمعها من وجوه:
أحدها أن الفعل لو ثني و جمع من أجل أنه من اثنين أو جماعة لجاز أيضا
أن يثنى و يجمع مع فاعل واحد؛ إذ كان الفعل قد يتكرر من الفاعل الواحد كما يتكرر
من الفاعلين، فكان أولى بتثنيته و جمعه مع الواحد؛ لأن الفاعل إذا كان أكثر من
واحد جاز أن يقتصر بما ظهر من تثنية الفاعل و جمعه عن تثنية الفعل و جمعه، فلما
كان هكذا أسقط تثنية الفعل و جمعه من كلامهم علمنا أن الفعل في نفسه لا يثنى و لا
يجمع.
و وجه آخر أن الفعل يدل على معنى و زمان و ليس أحدهما[1]دون الآخر
و صار في المعنى كأنه اثنان، و محال أن تدخل تثنية على تثنية فلهذا لم يثن.
و وجه آخر و هو ثالث: أن الفعل يدل على مصدر مبهم، و المصدر المبهم
لا يثنى و لا يجمع فكذلك ما يدل عليه، و إنما سقطت/ تثنية المصدر؛ لأنه اسم لجنس