و التقدير: زيد قام هو، و إذا ثنيت زيدا ثنيت ضميره فقلت: الزيدان
قاما، و إذا جمعت زيدا جمعت الضمير فقلت: الزيدون قاموا، و إذا تقدم الفعل لم يجعل
فيه ضمير، و الأفعال لا تثنى في أنفسها و لا تجمع فلهذا أفردت لفظها فقلت: قام
الزيدان[1]/
و قام الزيدون.
فإن قال قائل: فلم استتر ضمير الواحد إذا كان لواحد و لم يستتر إذا
كان لاثنين فصاعدا؟ فالجواب في ذلك أن الفعل لا يخلو من أن يكون له فاعل واحد و قد
يخلو من اثنين فصاعدا، فإذا قدمنا اسما مفردا قبل المفعول لم نحتج إلى إظهار
الفاعل لدلالة تقدم الأسماء عليه و إحاطة العلم به، فإنه لا بد للفعل من هذا
الفاعل، و أما إذا ثنيت الاسم، فلو أفردت فعلهما لم يعلم أن الفعل للاثنين إذ قد
يخلو من ذلك فوجب أن تظهر علامة التثنية لئلا يدخل الكلام لبس، و لئلا يعتقد المخاطب
انقطاع الفعل عن الاسمين المتقدمين و أنه خبر مبتدأ.
فإن قال قائل: فما وجه قول العرب: (أكلوني البراغيث)؟
قيل له: في ذلك وجوه:
أحدها: أن يكون الكلام على التقديم و التأخير أي: البراغيث أكلوني، و
هذا الأشبه به، و وجه آخر: أنه يجوز أن يكون الإضمار على شريطة التفسير، فيكون
البراغيث بدلا من الواو، و وجه ثالث: و هو الذي قصده سيبويه أن تكون الواو علامة
للجمع كما التاء في الفعل علامة للتأنيث و يراد بها أن الفعل لمؤنث فكذلك يراد
بالواو أن الفعل لجماعة.
فإن قال قائل: إذا كان الفعل، قد يكون لواحد، و قد يكون لجماعة، كما
يكون للمذكر و المؤنث فهلّا لزمت علامة التثنية و الجمع في الفعل كما لزمت
[1]انظر الأصول 1/ 172 حيث ناقش ابن السرّاج هذه
الفكرة (تثنية الأفعال و جمعها).