و كان الخبر هو المبتدأ وجب أن يحمل عليه في الإعراب كما يحمل النعت
على المنعوت[1].
فإن قال قائل: قد رأينا المبتدأ ينصب و الخبر مرفوع كقولك: إن زيدا
أخوك، فلو كانت علّة رفعه أنه هو المبتدأ في المعنى، و قد جرى كالنعت[2]لوجب أن
ينتصب كما ينصب المبتدأ؟!.
فالجواب في ذلك أنا قد احترزنا من هذا السؤال، و ذلك أنا جعلنا
العلّة في جواز عمل الخبر على المبتدأ أن العامل في المبتدأ غير لفظي و إذا كان
العامل لفظيا في هذا أعني: إن زيدا أخوك، لم يلزم هذا السؤال و إنما انفصل العامل
اللفظي في هذا الحكم؛ لأن العامل مشبه بالفعل، و الفعل يقتضي فاعلا و مفعولا فلم
يجز أن يتبع في مثل هذا الخبر المبتدأ إذا كان منصوبا، لأنه لا يجوز أن يخلو الفعل
من فاعل أو ما يقوم مقامه، و لا يجوز أن يتجه بعامل لفظي نحو إن زيدا أخاك، لأنه
لا يكون للفعل فاعلان، فلهذا لم يلزم السؤال عن العلّة الأولى، و جاز أن يجعل
الخبر كالمبتدأ في الإعراب و يشبه بالنعت من حيث كان العامل غير لفظي.
فإن قيل: قد علمنا بما ذكرت العامل في المبتدأ فما العامل في الخبر؟
ففي ذلك جوابان:
أحدهما أن الابتداء وحده عامل في الخبر كما كان في المبتدأ، و إنما
وجب أن يعمل في الخبر قياسا على العوامل اللفظية نحو: إنّ، و كان، و ظننت، فكل هذه
عاملة في المبتدأ و الخبر، لأن نظير الابتداء ظننت، لأن ظننت قد عملت في المبتدأ و
الخبر عملا واحدا و هو النصب[3].
[1]عقد ابن الأنباري لذلك مسألة في كتابه
الإنصاف 1/ 44 القول في رافع المبتدأ و رافع الخبر، و انظر اللباب 1/ 125- 129 حيث
فصل الحديث عن رافع المبتدأ و الخبر.
[2]في الأصل: النعت، و هو يريد أن الخبر لو جرى
على المبتدأ كما جرى النعت على المنعوت ...